وروى أيضا بسنده ، عن أبي إسحاق السبيعي الهمداني أنّه قال في خطبته : «ألا إنّ كلّ شيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدميّ هاتين لا أفي به» ثمّ قال أبو إسحاق : وكان غدّارا والله (١).
ولكن غيره ـ كالبلاذري ـ نقله معلّلا وبلا تصريح باسم الإمام عليهالسلام قال : قال في خطبته : «ألا إني كنت قد شرطت في الفتنة شروطا ، أردت بها (الألفة ووضع الحرب) ألا وإنها تحت قدمي!».
وفي آخر قال : وقد كنت شرطت شروطا ووعدت عدات ومنيت أماني! لما أردت من إطفاء نار الفتنة وقطع الحرب ومداراة الناس وتسكينهم.
ثمّ نادى بأعلى صوته : ألا وإني طلبت بدم عثمان ، فقتل الله قاتليه وردّ الأمر إلى أهله على رغم معاطس أقوام! ألا إنّ ذمّة الله بريئة ممّن لم يخرج فيبايع! ألا وإنا قد أجّلناكم ثلاثا! فمن لم يبايع فلا ذمّة له ولا أمان عندنا! قال الراوي : فأقبل الناس من كلّ أوب يبايعونه (٢).
وهذا أولى ، وأقرب وأنسب.
وهنا نقل المعتزلي ، عن المدائني : أن المسيّب بن نجبة الفزاري دخل على الحسن عليهالسلام وقد صاهرهم فقال له :
ما ينقضي عجبي منك! بايعت معاوية ومعك أربعون ألفا (٣) أعطاك أمرا فيما بينه وبينك ، ولم تأخذ لنفسك وثيقة وعقدا ظاهرا! ثمّ قال ما سمعت! والله ما أراد بما قال غيرك (فلم يصرّح به).
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٤٥ ، ومثله في الإرشاد ٢ : ١٤.
(٢) أنساب الأشراف ٣ : ٤٧ ، الحديث ٥٤ و : ٥٠ ، الحديث ٥٥.
(٣) لم نجد هذا العدد فيما مرّ من أخبار التاريخ إلّا في من قدّمهم عليّ عليهالسلام قبيل مقتله ، فلعلّه يقصدهم.