ألا إنّ الله طلب بدم عثمان فقتل قاتليه! وردّ الأمر إلى أهله! ثمّ نادى بأعلى صوته : ألا إن ذمّة الله بريئة ممّن لم يبايع! فأقبلوا يبايعونه (١).
ثم ذكر عليّا عليهالسلام فقال : أنشدكم الله ، أتعلمون أن عليّا كان كافرا منافقا؟! فسكت الناس ، فردّ عليهم قوله وقال : ألا ترون أناشدكم؟!
وكان فيهم أبو بكرة بن عبيد الثقفي أخو زياد ، ممّن رأى رسول الله وسمع حديثه ، وممّن شهد على المغيرة الثقفي بالزنا فضربه عمر ، فقام إلى بسر وقال له : أما إذ ناشدتنا فلا نعلم أنه كان كافرا ولا منافقا! فأمر بسر جلاوزته بضربه فضربوه حتّى كادوا أن يقتلوه! فوثب بنو السيد من ضبّة فاستنقذوه من أيديهم (٢).
وكان معاوية على عهد علي عليهالسلام قد كتب إلى زياد يدعوه إليه ويعده ويوعده ، فكتب زياد في جوابه : أما بعد ، فقد بلغني كتابك يا ابن بقية الأحزاب! وابن عمود النفاق! وابن آكلة الأكباد! أتهدّدني وبيني وبينك ابن عمّ رسول الله في سبعين ألفا ، سيوفهم قواطع! وايم الله لئن رمت ذلك منّي لتجدني أحمر (أي مولى) ضرّابا بالسيف!
__________________
(١) الغارات ٢ : ٦٤٦.
(٢) الغارات ٢ : ٦٥٠ ـ ٦٥١ ، وروى الطبري ٥ : ١٦٧ ـ ١٦٨ عن المدائني البصري : أن بسرا شتم عليا عليهالسلام ثمّ قال : نشدت الله رجلا علم أني صادق إلّا صدّقني! أو كاذب إلّا كذّبني! فقام أبو بكرة وقال له : اللهم إنا لا نعلمك إلّا كاذبا! فأمر به جلاوزته فخنقوه ، فقام أبو لؤلؤة الضبّي فرمى بنفسه عليه فأنقذه ، فأقطعه أبو بكرة مائة جريب! ونقل ابن الأعثم كلام أبي بكرة أنه قال له : كذبت يا عدوّ الله ، قد كان علي بن أبي طالب خيرا منك ومن صاحبك الذي ولّاك علينا! ونسب الشتم إلى عمرو بن أبي أرطاة أخي بسر ، وأنه أمر جلاوزته به فخلّصه رجل من بني ضبّة ثمّ غيّبه الناس فلم يقدروا عليه. الفتوح ٤ : ١٦٨ وعليه فهذا المقام والكلام لم يكن أول دخوله البصرة ، بل بعد ذلك بفترة ، لما يأتي.