من ذلّة! ولكن عرفت له حقا! فوضعته موضعه! فقال : يا أمير المؤمنين! نرجع إلى ما يحبّ زياد! ثمّ خرج إليه فترضّاه (١)!
ثم قال له معاوية : اختر بين أن احاسبك فيما صار إليك وأتتبّع أثرك وأردّك إلى عملك ، وبين أن اسوّغك ما أصبت وتعتزل! فاختار أن يسوّغه ويعتزل ثمّ قال له : وتنكحني ابنتك هندا! قال : قد فعلت (٢)! ثمّ زوّج ابنته أم كلثوم ليزيد ، كما يأتي.
وكان معاوية عزل ابن عامر ليولّي زيادا ، ولكنّه حلّل بينهما بالحارث بن عمرو الأزدي من أهل الشام بأربعة أشهر! وأعاد زيادا إلى الكوفة فنزل على سلمان بن ربيعة الباهلي ، ينتظر أمر معاوية ، وبلغ المغيرة أن زيادا ينتظر أن تجيء إمارته على الكوفة! فاستخلف عتيبة بن النّهاس العجلي على الكوفة وخرج إلى معاوية وسأله أن يعزله فردّه إلى عمله ، فدعا معبد بن خالد الجدلي وقال له : اذهب إلى ابن سميّة! فرحّله عن البلد إلى ما وراء الجسر قبل أن يصبح فلا يصبح إلّا فيما وراءه! وقدم رسول معاوية على زياد : أن سر إلى البصرة ، فرحل إليها (٣) وتملّك قصرا فأقام فيه واتّخذ له حاجبا.
وكأنه بلغه عزم معاوية على الحجّ ، فكتب إليه يستأذنه في الحجّ ، فكتب إليه يولّيه أمر الموسم ويجيزه بألف ألف (مليون) درهم! فأخذ يتجهّز للحجّ لسنة (٤٤ ه) ، وبلغ ذلك أخاه نفيعا أبا بكرة ، فأقبل أبو بكرة يريده وبصر به حاجبه وعلم قصده فأسرع إلى زياد وقال له : هذا أخوك أبو بكرة يريد قصرك!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٢١٤ ـ ٢١٥ عن النميري البصري.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٢١٤ عن المدائني.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٢١٦ عن المدائني وغيره.