قال له : ويحك أنت رأيته؟ قال : ها هو ذا طلع! وكان زياد قاعدا وفي حجره صبيّ يلاعبه ، فجاء أبو بكرة حتّى وقف عليه بلا سلام والتفت إلى الغلام وقال له : يا غلام كيف أنت؟ قال له : إن أباك ركب في الإسلام عظيما! زنّى أمّه وانتفى من أبيه ، ولا والله ما علمت سميّة رأت أبا سفيان قط! ثمّ هو يريد أن يركب ما هو أعظم من ذلك : يوافي الموسم غدا ويوافي أمّ حبيبة بنت أبي سفيان ـ وهي من أمهات المؤمنين ـ فإن استأذن عليها فأذنت له فأعظم بها فرية على رسول الله صلىاللهعليهوآله ومصيبة! وإن هي منعته فأعظم بها على أبيك فضيحة! ثمّ انصرف.
فقال زياد له : جزاك الله يا أخي عن النصيحة خيرا! ساخطا كنت أو راضيا!
ثم كتب إلى معاوية : إني قد اعتللت عن الموسم! فليوجّه أمير المؤمنين إليه من أحبّ فوجّه إليه أخاه عتبة بن أبي سفيان (١).
وكان زياد في شبابه سابقا قد وقع في بني قيس بن ثعلبة على أمة لهم فحملت منه وجاءت بذكر امتلكوه واسموه عبّادا وكان في البصرة خرّازا يخرز القرب ، وكان قد سمع من أمّه ومنهم أنه لزياد بن سميّة ، فلما بدأ زياد يتجهّز جاء أصحاب القرب يعرضون عليه قربهم ، وتقدم فيهم عبّاد فصار يعرض عليه ويحاوره ، وكأن زيادا لمح فيه ملامحه فسأله : ويحك من أنت؟ قال : أنا ابنك! ثمّ قصّ عليه قصّته ، فصدّقه واشتراه منهم وادّعاه وألحقه ، وتزوّج له الستيرة ابنة أنيف بن زياد الكلبي سيدهم على عهده ، وعظم أمره (٢).
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١٦ : ١٨٨ عن الجاحظ.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ١٦ : ١٩٣ عن الكلبي النسابة ، وليس في المنشور من كتابه مثالب العرب.