وقرّبه وأحسن إليه وولّاه ، صار من أكبر الأعوان على بني علي رضى الله عنه حتّى قيل : إنّ زيادا لما كان أمير العراقين طلب رجلا من أصحاب الحسن رضى الله عنه يعرف بابن سرح ، وكان في الأمان الذي كتبه لأصحابه رضى الله عنه فكتب الحسن إلى زياد : «من الحسن إلى زياد ، أما بعد ، فقد علمت ما كنّا أخذنا لأصحابنا من الأمان ، وقد ذكر لي ابن سرح أنك عرضت له ، فأحبّ أن لا تعرض له إلّا بخير ، والسلام» (١).
وروى المعتزلي ، عن الشرقي بن القطامي قال : كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس «شيعة» لعلي عليهالسلام ، فلما قدم زياد الكوفة طلبه ، فخافه فأتى الحسن عليهالسلام مستجيرا به ، فوثب زياد على أهله وأولاده وأخيه فحبسهم! وصادر أمواله ونقض داره! فكتب الحسن عليهالسلام إلى زياد :
«من الحسن إلى زياد ، أما بعد ، فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدمت داره وأخذت ماله وحبست أهله وعياله! فإن أتاك كتابي هذا فابن له داره واردد عليه عياله وماله ، وشفّعني فيه ، فقد أجرته ، والسلام».
فكتب إليه زياد : من زياد بن أبي سفيان! إلى الحسن بن فاطمة ، أما بعد ، فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي! وأنت طالب حاجة ، وأنا سلطان وأنت سوقة! وتأمرني فيه بأمر المطاع المسلّط على رعيّته! كتبت إليّ في فاسق آويته إقامة منك على سوء الرأي! ورضا منك بذلك وايم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك وإن نلت بعضك! غير رفيق بك ولا مرع عليك! فإنّ أحبّ لحم عليّ أن آكله للّحم الذي أنت منه! فسلّمه بجريرته (؟) إلى من هو أولى به منك! فإن عفوت عنه لم أكن شفّعتك فيه؟ وإن قتلته فلا أقتله إلّا لحبّه أباك الفاسق! والسلام.
__________________
(١) وفيات الأعيان ٢ : ٣٨٨ ط بولاق ، في ترجمة يزيد بن المفرّغ الحميري. ونقل مثله المعتزلي في شرح النهج ١٦ : ١٨ عن المدائني البصري وهو الأصل في الخبر. وانظر مسند الإمام المجتبى للعطاردي : ب ٥٧.