فلما ورد الكتاب على الحسن عليهالسلام قرأه وتبسّم ، وكأنّه عليهالسلام علم أنّه إنما غضب لعدم نسبته في كتابه إلى أبي سفيان! فكتب في جواب كتابه : «من الحسن بن فاطمة إلى زياد بن سمية! أما بعد ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «الولد للفراش ، وللعاهر الحجر» والسلام. وكتب بذلك إلى معاوية وضمّ إليه كتاب زياد.
فلما قرأ معاوية كتاب زياد إلى الحسن ضاقت به الشام! وكتب إلى زياد : أما بعد فإنّ الحسن بن علي بعث إليّ بكتابك إليه جوابا عن كتاب كتبه إليك في ابن سرح ، فأكثرت العجب منك! وعلمت أن لك رأيين : أحدهما من أبي سفيان والآخر من سمية! فأمّا الذي من أبي سفيان فحلم وحزم! وأما الذي من سميّة فما يكون من رأي مثلها! ومن ذلك كتابك إلى الحسن تشتم أباه وتعرّض له بالفسق ، ولعمري إنك الأولى بالفسق من أبيه! فأمّا أن الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك فإنّ ذلك لو عقلت لا يضعك! وأما تسلّطه بالأمر فحقّ لمثل الحسن أن يتسلّط! وأمّا تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظّ دفعته عن نفسك إلى من هو أولى به منك ، فإذا ورد عليك كتابي فخلّ ما في يديك من سعيد بن سرح وابن له داره واردد عليه ماله ولا تعرض له ، وقد كتبت إلى الحسن أن يخيّره : إن شاء أقام عنده وإن شاء رجع إلى بلده ، فلا سلطان لك عليه بيد أو لسان!
وأما كتابك إلى الحسن باسمه واسم أمّه ولا تنسبه إلى أبيه ، فويحك إن الحسن من لا يرمى به في رجوان (الآبار) وإلى أيّ أمّ وكلته ـ لا أمّ لك ـ أما علمت أنّها فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم (بلا آله) فذلك ـ إن كنت تعلمه وتعقله ـ أفخر له (١).
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١٦ : ١٩٤ ـ ١٩٥. ومختصر الخبر في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٧.