وأكمل الدينوري قال : ثمّ شهق ابن عباس فبكى ، فبكى من في المجلس حتى معاوية ، ثمّ قال له :
بلغني أنه ترك بنين صغارا! فقال ابن عباس : كلنا كان صغيرا فكبر! قال معاوية : كم بلغ من عمره؟ قال ابن عباس : أمر الحسن أعظم من أن يجهل أحد مولده! فأسكت معاوية لفترة ثمّ قال له : يا ابن العباس! أصبحت سيّد قومك من بعده! (متجاهلا الحسين عليهالسلام) فقال ابن عباس : أمّا ما أبقى الله أبا عبد الله الحسين فلا! فقال معاوية : لله أبوك يا ابن عباس! ما استنبأتك إلّا وجدتك معدّا (١)!
واختصر الخبر اليعقوبي قال : لما توفي الحسن بن علي كان ابن عباس عند معاوية (بدمشق) فلما بلغ معاوية نعي الحسن دخل عليه ابن عباس فقال له معاوية : يا ابن عباس ، مات الحسن! فاسترجع وقال : على عظيم الخطب وجليل المصاب! ثمّ قال له : أما والله يا معاوية ، لئن كان الحسن مات فما ينسئ موته في أجلك ولا يسدّ جسمه حفرتك! ولقد مضى إلى خير وبقيت على شرّ! فقال معاوية : لا أحسبه قد خلّف إلّا صبيّة صغارا! قال : كلنا كان صغيرا فكبر! قال : بخ بخ يا ابن عباس أصبحت سيّد قومك! قال : أمّا ما أبقى الله أبا عبد الله الحسين ابن رسول الله ، فلا (٢).
واختزل النقل البلاذري ، عن الكلبي ، عن أبي صالح قال : لقي ابن عباس معاوية فقال له معاوية : عجبا للحسن! شرب عسلة طائفية بماء بئر رومة فمنها مات! فقال ابن عباس : لئن هلك الحسن فلن ينسأ في أجلك : قال : وأنت اليوم سيّد قومك! قال : أمّا ما بقي أبو عبد الله (الحسين) فلا (٣).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٧٥.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٢٥ و ٢٢٦.
(٣) أنساب الأشراف ٣ : ٦٧ ، الحديث ٧٤ ، وانظر تعاليق المحقق المحمودي بمصادر أخرى.