المخالفة العملية للدليل المخصّص الناهي بالفرض عن إكرام زيد ، فلا بدّ ـ في فرض تردّده بين اثنين ـ من ترك إكرامهما معاً ... وهذا ما عليه المشهور وإنْ مال المحقّق اليزدي (١) إلى جواز التمسّك بالاستصحاب في أحد الطّرفين وعدم سقوط. أصالة العموم عن الحجيّة إلاّ بقدر الضرورة ، ولزوم المخالفة الاحتمالية غير مضرّ ، فيكون الواجب إكرام أحد الزيدين والمكلّف مخيّر في إكرام أيّهما شاء ....
ولعلّ السرّ فيما ذهب إليه المشهور هو : إن الحجّة في المقام عبارة عن أصالة العموم ، ومن الواضح أن الحجيّة هي الكاشفيّة عن المراد الجدّي نوعاً عند العقلاء ، ولذا كان مبنى الحجيّة والكاشفيّة عن الإرادة الجدّية بناء العقلاء ـ بخلاف الإرادة الاستعمالية ، فإن الكاشفيّة فيها عن طريق الوضع ـ والأصل في هذا البناء هو التطابق بين الإرادتين ، لكنّ هذه الكاشفية في العام ماداميّة ، وبمجرّد وصول المخصّص المنفصل المردّد بين المتباينين تسقط الكاشفيّة بالنسبة إلى كلا الزيدين معاً ـ وإن كان أحدهما باقياً تحت العام واقعاً ـ لكونها معلّقة من أوّل الأمر على عدم مجيء ما يزاحمها ، فإذا جاء المخصص سقط الكشف والحجة عن الإرادة الجديّة وأصبح الكلام مجملاً ، فلا يجوز التمسّك بالعام ، وإذا سقط عن الحجيّة جاء دور جريان الأصل العملي ، وقد تقرّر سقوط الاصول العمليّة في أطراف العلم الإجمالي ، إمّا لعدم المقتضي وامّا للتعارض.
وتبقى شبهة السيّد البروجردي (٢) من أن العامّ بالنسبة إلى الأحد المردّد حجّة.
__________________
(١) درر الفوائد (١ ـ ٢) ٢١٦ ـ ٢١٧.
(٢) نهاية الاصول : ٢٩٢.