« إنّ رجلاً أتى علياً عليهالسلام ولم يحجّ قطّ ، قال إني كنت كثير المال وفرّطت في الحجّ حتى كبر سنيّ ، فقال : تستطيع الحجّ؟ فقال : لا ، فقال له علي عليهالسلام : إن شئت فجهّز رجلاً ثم ابعثه يحجّ عنك » (١). ونحوه آخر (٢).
وأمّا الرابع فلا قائل بإطلاقه ؛ لشموله لصورة عدم اليأس ، ولا خلاف في عدم الوجوب حينئذٍ ، إلاّ من الدروس (٣) ، وعلى خلافه الإجماع في المنتهى (٤) ، فلا بد من تقييده ، وهو هنا ليس بأولى من حمل الأمر على الاستحباب ، بناءً على انَّ التقييد بصورة اليأس من البرء يستلزم تخصيص المرض وغيره من الأعذار بالفرد النادر ؛ إذ الغالب منها ما يُرجى زوالها جدّاً.
ومثل هذا التقييد ليس بأولى من الاستحباب ؛ لغلبة في الأمر وما في معناه ، ولا كذلك حمل الإطلاق على الفرد النادر ، لندرته ، ولولاها لكان التقييد أولى.
وبالجملة فاحتمال التقييد معارض باحتمال الاستحباب المساوي له هنا ، إن لم نقل برجحان الاستحباب ، وحيث تساويا يدفع التكليف الزائد من التقييد بالأصل ، وذلك واضح كما لا يخفى.
سلّمنا ، لكن الأمر فيه وكذا في سائر الأخبار يحتمل الورود مورد التقية ، لكونه مذهب أكثر العامة ، ومنه أبو حنيفة (٥) أو مورد توّهم حرمة
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤٦٠ / ١٥٩٩ ، الوسائل ١١ : ٦٤ أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤ ح ٣.
(٢) الكافي ٤ : ٢٧٢ / ١ ، الوسائل ١١ : ٦٥ أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤ ح ٨.
(٣) الدروس ١ : ٣١٢.
(٤) المنتهى ١ : ٦٥٦.
(٥) حكاه عن أبي حنيفة في بدائع الصنائع ٢ : ١٢١ ، ونقله عنه وعن مالك والشافعي