كثرت قيمتها قلّ ما يغرمه ، فإذا قلّت كثر.
وعلى عدم التفريق كان له الرجوع بالأرش ، وهو مذهبنا إلاّ أنّه جعل له ذلك إن أيس من الردّ ، وإن لم ييأس لم يكن له الأرش.
مسألة ١٢٢ : الأقرب عندي جواز تصرّف المالك في النصاب الذي وجبت فيه الزكاة بالبيع والهبة وأنواع التصرفات ، وليس للساعي فسخ البيع ولا شيء من ذلك ، لأنّه مالك فيجوز له التصرّف فيه بجميع أنواعه ، وتعلّق الزكاة به ليس بمانع سواء قلنا الزكاة تجب في العين أو لا ، لأنّ تعلّقها بالعين تعلّق لا يمنع التصرف في جزء من النصاب فلم يمنع في جميعه كأرش الجناية.
ولأنّ ملك المساكين غير مستقرّ فيه فإنّ له إسقاط حقّهم منه بدفع القيمة فصار التصرف فيه اختيارا بدفع غيره.
إذا ثبت هذا ، فإن أخرج الزكاة من غيره وإلاّ كلّف إخراجها ، وإن لم يكن متمكنا فالأقرب فسخ البيع في قدر الزكاة وتؤخذ منه ويرجع المشتري عليه بقدرها ، لأنّ على الفقراء إضرارا في إتمام البيع وتفويتا لحقّهم فوجب فسخه ، ثم يتخيّر المشتري لتبعّض الصفقة ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد (١) ، إلاّ أنّ أحمد قال : إذا عجز عن أداء الزكاة بقيت في ذمته كسائر الديون ، ولا تؤخذ من النصاب.
وأبو حنيفة يقول : إن كان تصرفه يقطع الحول بأن يبيعه أو يجعله عوضا في نكاح أو خلع ضمن الزكاة ، وإن كان تصرّفا لا يقطع الحول لم يضمن.
وقال الشافعي في صحة بيع قدر الزكاة قولان : الصحة إن تعلّقت الزكاة بالعين ، لعدم استقرار ملك المساكين ، ولهذا له أن يسقط حقّهم منه بدفع غيره ، والبطلان إن تعلّقت بالذمة ، لأنّ قدر الزكاة إمّا مستحق أو مرتهن ، وأمّا بيع باقي النصاب فإنّه يصحّ على تقدير صحة البيع في قدر الزكاة ، وعلى تقدير
__________________
(١) المغني ٢ : ٥٣٥ و ٥٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٨.