ونقل ابن أبي الدنيا خبرين يبدو منهما أنّ ابن ملجم لم يواجه الإمام قبلهما :
الأوّل : عن الشعبي : أنّ الإمام سألهم : ما فعل ضاربي؟ قالوا : قد أخذناه! قال : أطعموه من طعامي وأسقوه من شرابي ، فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي ، وإن أنا مت فاضربوه ضربة لا تزيدوه عليها.
والثاني : عن عبيد الله بن العباس ـ وقد مرّ أنّه أفلت من بسر ـ قال : أتي أمير المؤمنين بابن ملجم فقيل له : يا أمير المؤمنين ما تقول في هذا الأسير؟ فقال عليهالسلام : أرى أن تحسنوا ضيافته حتّى تنظروا على أيّ حال أكون ، فإن أهلك فلا تلبثوه بعدي ساعة (١)! فذهبوا به إلى الحبس (٢)!
وقد مرّ الخبر أنّ الإمام عليهالسلام كان قد قدّم الحسين مع عشرة آلاف إلى المدائن يريد العود لحرب العدوّ الشامي. فروى ابن أبي الدنيا عن ابن الكلبي ، عن زحر بن قيس الجعفي قال : بعثني الحسن إلى أخيه الحسين عليهماالسلام بالمدائن بكتابه إليه يخبره فيه عن أبيه (٣).
قال : فركبت بغلتي ومضيت نحو المدائن ، فلمّا قربتها تلقّاني بعض مسلمي أهلها فسألوني : من أين أقبل الرجل؟ قلت : من الكوفة. فقالوا : فما الخبر؟ قلت : خرج أمير المؤمنين لصلاة الغداة ، فتلقاه رجلان فضربه أحدهما فأخطأه وضربه الآخر فأصابه بشجّة ، قد يموت الرجل ممّا هو أدنى منها ، وقد يعيش
__________________
(١) مقتل الإمام لابن أبي الدنيا : ٤٠ ، الحديث ٢٢ و ٢٣.
(٢) الإرشاد ١ : ٢١.
(٣) مقتل الإمام لابن أبي الدنيا : ٩٦ ، الحديث ٩١ ، ومختصره في أنساب الأشراف ٢ : ٣٩٦ ، الحديث ٥٦٧. وأصل كتاب الحسن إلى الحسين بالمدائن ، وحديث الحسين عليهالسلام عن جدّه النبي صلىاللهعليهوآله جاء في فروع الكافي ٣ : ٢٢٠ ، كما عنه في بحار الأنوار ٤٢ : ٢٤٧.