تنهنه الناس عنه ، وتقبّح لهم ما انتهكوا منه ، ما عدل بك من قبلنا أحدا من الناس ، ولمحا ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه. وأخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظنين : إيواؤك قتلته ، فهم عضدك وأنصارك ويدك وبطانتك. وقد بلغني أنك تتنصّل من دمه وتتبرأ منه ؛ فإن كنت صادقا فأمكنّا من قتلته نقتلهم به ، ثم نحن أسرع الناس إليك! وإلّا فليس بيننا وبينك إلّا السيف! وو الله الذي لا إله غيره لنطلبنّ قتلة عثمان في الجبال والرمال والبرّ والبحر حتى نقتلهم أو تلحق أرواحنا بالله ، والسلام».
ثم دفع الكتاب إلى الخولاني وأمره أن يسير به إلى علي عليهالسلام فأوصله إليه (١) ومعه أبو هريرة (٢). وقام خطيبا فقال بعد الحمد والثناء : أما بعد ، فإنك قد قمت بأمر وتولّيته ، والله ما احبّ أنه لغيرك ، إن أعطيت الحقّ من نفسك! إنّ عثمان قتل مسلما محرما (كذا) مظلوما! فادفع إلينا قتلته ، وأنت أميرنا ، فإن خالفك أحد من الناس كانت أيدينا لك ناصرة وألسنتنا لك شاهدة ، وكنت ذا عذر وحجة! ثمّ سكت وجلس.
فقال له علي عليهالسلام : اغد عليّ غدا فخذ جواب كتابك (٣) فكتب إليه :
«من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ؛ أما بعد ، فإنّ أخا خولان قدم عليّ بكتاب منك تذكر فيه محمدا صلىاللهعليهوآله وما أنعم الله عليه به
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٢٨٧ عن الكلبي عن أبي مخنف عن أبي روق الهمداني ، وفي وقعة صفين : ٨٦ ، ٨٧ بسند آخر عن أبي روق الهمداني : أن ابن عمر الأرحبي أخبره به وأعطاه نسخة الكتاب في إمارة الحجاج الثقفي في الكوفة.
(٢) أنساب الأشراف ٢ : ٢٨٣.
(٣) وقعة صفين : ٨٦.