المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
قد نبه الله عزوجل معاشر المسلمين على وجه كونهم أفضل من سائر الأمم بأنهم آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ، فقال عز من قائل « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر » الآية (١).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مالهما إلى الأفعال القلبية والجوانحية أو العملية والجوارحية ، وذلك حسب اختلاف متعلقيهما ، فقد يكون متعلقا هما القسم الأول ، وقد يكونان القسم الثاني ، وبكلا قسميهما يسميان فقها علميا أو عمليا.
إن مراتب الوصول إلى الكمال نظير أفراد الكلي المشكك ـ متفاوتة حسب تفاوت الاستعدادات ـ تفاوتا بينا ، فكل مرتبة يسلكه السالك إلى الله بالجوارح أو بالجوانح فهي مرتبة من مراتب الفقه ـ لا بالمعنى المصطلح ـ بل بمعناه الواقعي النفس الأمري ، فللفقه مرتبتان مترتبتان ثانيتهما أعلى مقاما.
( إحديهما ) الفقه الجوارحي وهو الذي يحتاج أبناء نوع بني آدم إليه في السلوك الظاهري ، ويسمى بالفقه بالجوارحي ، سواء تعلقت بالأبدان بجميع أنواعها ، واجبة
__________________
(١) آل عمران : ١١٠.