مضافاً إلى اعتضاده بأمر آخر وهو دلالة جملة من النصوص وكلمة الأصحاب على أنّ الخمس إنّما شرّع للسادة عوض الزكاة إكراماً وصيانةً لهم عن الأوساخ (١) ، ومن الواضح البيّن أنّ خمس ما عدا الأرباح قليلة التحقق في غالب الأزمان ، وإنّما الغالب حصوله إنّما هو منها ، فلو خصّ بالإمام عليهالسلام لم يحصل لباقي السادة تلك الكرامة ، ولبقوا في مضيق العسر والشدة.
وهذا أوضح شاهد وأبين قرينة على أنّ ما ورد بإباحتهم الخمس بقول مطلق أو هذا النوع منه للشيعة ليس باقياً على ظاهره ، من كونها على العموم والكلية إلى يوم القيامة ، بل ينبغي صرف التأويل إليه ، بحمله على ما يختصّ بهم عليهمالسلام أو ما يعمّه وغيره لكن في زمانهم خاصّة ، ولهذا شواهد من روايات المسألة.
ومن هنا يظهر الجواب عن الثالث ، مع ضعف سند جملة ، ومتروكية متن الرواية المتقدمة منه لو أُريد منها الحصر الحقيقي ، كيف لا؟! وظاهرها الاختصاص بسيّدة النساء فاطمة عليها أفضل الصلاة والسلام والحجج من ذريتها ، وهو شيء لا يقول به أحد من المسلمين.
ومع ذلك فقد تضمّنت الغنيمة مع الاكتساب ، وهؤلاء لم يقولوا باختصاصها بهم عليهمالسلام ، وحينئذٍ فيجب جعل الحصر إضافياً وجعل ذكرهم عليهمالسلام دون غيرهم تغليباً. وفي قوله عليهالسلام : « يضعونه حيث شاؤوا » وكذا قوله : « وحرّم عليهم الصدقة » إشعار تامّ بذلك ، كما لا يخفى.
وبالجملة : لا ريب للأحقر في أنّ مصرف هذا الخمس مصرف سائر الأخماس ، وأمّا إباحتهم عليهمالسلام إياه للشيعة فسيأتي الكلام فيه إنّ شاء الله
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٢٦٩ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٩ ح ٢ ، ٧ ؛ وص ٥٠٩ أبواب قسمة الخمس ب ١.