ويمكن دفعه : بأنّ ذلك وإن كان مقتضى النصوص ، إلاّ أنّها لضعفها لا تصلح لإثبات ذلك ، والشهرة الجابرة لها يُدار مَدار حصولها ولم تحصل على اشتراط ذلك كذلك ، بل المتحقّق منها هو اشتراط عدم العلم بصرفه في معصية لا العلم بصرفه في غيرها ، وهو حاصل هنا.
ثم لو سلّمنا كون الشرط هو العلم بصرفه في غيرها كما هو مفاد النصوص ومقتضاها قلنا : إنّ كون الأصل في تصرّفات المسلم الصحة في حكم العلم بذلك بحكم التتبع وشهادة الاستقراء.
هذا ، ورجوع الشيخ في المبسوط إلى المختار يقتضي كونه الآن إجماعيّاً ، ولكن مختاره في النهاية لعلّه أحوط وأولى.
( ويجوز ) للمزكّي ( مقاصّة المستحق ) للزكاة ( بدين ) له ( في ذمته ) بلا خلاف ظاهر مصرّح به في جملة من العبائر (١) ، بل في المدارك عن ظاهر المعتبر والمنتهى والتذكرة أنّه لا خلاف فيه بين العلماء (٢) ، والنصوص به مع ذلك مستفيضة.
منها زيادة على ما مضى في بحث جواز تقديم الزكاة قرضاً (٣) الصحيح : عن دَين لي على قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون على قضائه وهم مستوجبون للزكاة ، هل لي أن أدعه وأحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال : « نعم » (٤).
وظاهره كغيره أنّ المراد بالمقاصّة هي القصد إلى إسقاط ما في ذمّته
__________________
(١) النهاية : ١٨٨ ، جامع المقاصد ٣ : ٣٢ ، الحدائق ١٢ : ١٩٥.
(٢) المدارك ٥ : ٢٢٦.
(٣) راجع ص ٢٣٦١.
(٤) الكافي ٣ : ٥٥٨ / ١ ، الوسائل ٩ : ٢٩٥ أبواب المستحقين للزكاة ب ٤٦ ح ٢.