اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٩ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

فالجواب : نحمله على ثمرات الإيمان ، وعلى آثاره ولوازمه.

قوله تعالى : (وَلا يَرْتابَ) ، أي : ولا يشك (الَّذِينَ أُوتُوا) أي : أعطوا (الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) أي : المصدّقون من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أنّ خزنة جهنّم تسعة عشر.

فإن قيل : لما أثبت الاستيقان لأهل الكتاب ، وأثبت زيادة الإيمان للمؤمنين ، فما الفائدة في قوله تعالى بعد ذلك : (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ)؟.

فالجواب : أن الإنسان إذا اجتهد في أمر غامض دقيق الحجّة كثير الشّبه ، فحصل له اليقين ، فربّما غفل عن مقدمة من مقدّمات ذلك الدليل الدقيق ، فيعود الشرك ، فإثبات اليقين في بعض الأحوال لا ينافي طريان الارتياب بعد ذلك ، ففائدة هذه الإعادة نفي ذلك الشكّ ، وأنه حصل له يقين جازم ، لا يحصل عقيبه شكّ ألبتة.

قوله تعالى : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ، أي : في صدورهم شكّ ونفاق من منافقي أهل «المدينة» الذين يجيئون في مستقبل الزمان بعد الهجرة ، وهذا إخبار عما سيكون ، ففيه معجزة (وَالْكافِرُونَ) أي : اليهود والنصارى (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) يعني : بعدد خزنة جهنّم ، وهذا قول أكثر المفسرين.

وقال الحسن بن الفضل : السورة مكيّة ، ولم يكن ب «مكة» نفاق ، فالمرض في هذه الآية الخلاف ، والمراد بالكافرين : مشركو العرب ، ويجوز أن يراد بالمرض الشكّ والارتياب لأن أهل «مكة» كان أكثرهم مشركين ، وبعضهم قاطعين بالكذب ، وقوله تعالى إخبارا عنهم : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)؟ أي : هذا العدد الذي ذكره حديثا ، أي ما هذا من الحديث.

قال الليث رحمه‌الله : المثل الحديث ، ومنه : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) [محمد : ١٥] ، أي : حديثها والخبر عنها.

وقال ابن الخطيب (١) : إنما سمّوه مثلا ؛ لأنه لمّا كان هذا العدد عددا عجيبا ظن القوم أنه ربّما لم يكن مرادا لله منه ما أشعر به ظاهره بل جعله مثلا لشيء آخر تنبيها على مقصود آخر ـ لا جرم سمّوه مثلا ـ لأنهم لمّا استغربوه ظنّوا أنه ضرب مثلا لغيره ، و «مثلا» تمييز أو حال ، وتسمية هذا مثلا على سبيل الاستعارة لغرابته.

فصل في لام : (وَلِيَقُولَ)

«اللام» في قوله تعالى : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) جار على أصول أهل السّنة ؛ لأن ذلك مراد ، وعند المعتزلة : هي لام العاقبة ، ونسبوه إلى الله ـ عزوجل ـ مع أنهم ينكرون ذلك ، إما على سبيل التّهكّم ، وإما على ما يقولونه.

__________________

(١) ينظر المصدر السابق.