ومنه قوله (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١) أي : أشار اليهم ، والوحي : الكتاب يقال : وحى يحي وحيا أي كتب ، لان به يلقي المعنى الى صاحبه قال رؤبة :
لقدر كان وحاه الواحي
وقوله (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) قيل : فيه قولان :
أحدهما : التعجب من حرصهم على كفالتها لفضلها.
الثاني : التعجب من تدافعهم لكفالتها لشدة الازمنة التي لحقتهم حتى وفق لكفالتها خير الكفلاء زكريا عليهالسلام.
والاقلام معناها هاهنا القداح ، وذلك أنهم ألقوها تلقاء الجرية فاستقبلت عصا زكريا جرية الماء مصعدة ، وانحدرت أقلام الباقين فقرعهم زكريا ، وكانت معجزة له عليهالسلام.
فصل : قوله (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ) الاية : ٤٥.
يحتمل ذلك ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه سمي بذلك لأنه كان بكلمة الله من غير والد ، وهو قوله (كُنْ فَيَكُونُ) (٢) كما قال (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣).
الثاني : أن الله يهدي به كما يهدي بكلمته. وقيل في تسمية المسيح مسيحا قولان : أحدهما قال الحسن وسعيد : لأنه مسح بالبركة ، وقال آخرون : لأنه مسح بالتطهر من الذنوب.
__________________
(١). سورة مريم : ١١.
(٢). سورة البقرة : ١١٨.
(٣). سورة آل عمران : ٥٩.