فصل : قوله (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) الاية : ١٧٨.
قال الجبائي : معنى الاية من يهديه الله الى نيل الثواب ، كما يهدي المؤمن الى ذلك والى دخول الجنة ، فهو المهتدي للايمان والخير ، لان المهتدي هو المؤمن ، فقد صار مهتديا الى الايمان والى نيل الثواب ، ومن يضلله الله عن الجنة وعن نيل ثوابها عقوبة على كفره أو فسقه (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأنهم خسروا الجنة ونعيمها.
وقيل : معنى ذلك من حكم الله بهدايته فهو المهتدي ، ومن حكم بضلاله فهو الخاسر الخائب.
فصل : قوله (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) الاية : ١٧٩.
اللام في قوله (لِجَهَنَّمَ) لام العاقبة ، والمعنى أنهم لما كانوا يصيرون اليها بسوء اختيارهم وقبح أعمالهم ، جاز أن يقال : انه ذرأ لهم.
والذي يدل على أن ذلك جزاء على أعمالهم قوله (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) فأخبر عن ضلالهم الذي يصيرون به الى النار.
وهو مثل قوله (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) (١) ومثله قوله (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (٢) وانما التقطوه ليكون قرة عين ، قال الشاعر :
وللموت تغذوا الوالدات سخالها |
|
كما لخراب الدهر تبنى المساكن |
وقال آخر :
وام سماك فلا تجزعي |
|
فللموت ما تلد الوالدة |
ولا يجوز أن يكون معنى الاية أن الله خلقهم لجهنم وأراد منهم أن يفعلوا الكفر
__________________
(١). سورة آل عمران : ١٧٨.
(٢). سورة القصص : ٨.