بالليل فيقبضكم اليه ، كما قال (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (١) وقال البلخي واختاره الحسين بن علي المغربي : يتوفاكم يعني يحصنكم عند منامكم واستقراركم قال الشاعر :
ان بني دارم ليسوا من أحد |
|
ليسوا من قيس وليسوا من أسد |
ولا توفاهم قريش في العدد (٢) |
وقوله (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) أي : كسبتم يقال : فلان جارحة أهله ، أي : كاسبهم. ومنه قوله (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) (٣) أي : من الكواسب التي تكسب على أهلها ، وهو قول مجاهد.
فصل : قوله (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) الاية : ٦٢.
روى أنه تعالى يحاسب عباده على مقدار حلب شاة ، وذلك يدل على أنه لا يحتاج الى تكلف مشقة وآلة على ما يقوله المشبهة ، لأنه لو كان كذلك لاحتاج الى تطاول (٤) زمان محاسبته أو أنه يشغله محاسبته عن محاسبة غيره ، وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قيل له : كيف يحاسب الله الخلق وهم لا يرونه؟ قال : كما يرزقهم وهم لا يرونه.
والوجه في الاية أنه تعالى أحصى الحاسبين لما أحصى الملائكة وتوفوا من الأنفس لا يخفى عليه ذلك خافية ، ولا يحتاج في عده الى فكر ونظر.
فصل : قوله (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) الاية : ٦٥.
__________________
(١). سورة الزمر : ٤٢.
(٢). مقاييس اللغة ٣ / ٢٧٠.
(٣). سورة المائدة : ٥.
(٤). في التبيان : أن يتطاول.