لكفرهم واستحقاقهم العذاب الدائم ، بل يضلهم عنها الى طريق النار ، هذا قول أبي علي. وقال غيره : معناه لا يحكم لهم بحكم المؤمنين.
فصل : قوله (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) الاية : ٥٣.
أي : ضاعت أعمالهم التي عملوها ، لأنهم أوقعوها على خلاف الوجه المأمور به ، لان ما فعلوه فعلوه على وجه النفاق دون التقرب به الى الله.
وقوله «فأصبحوا خاسرين» ليس المراد به معنى الصباح ، وانما معناه : صاروا خاسرين ، ومثل ذلك قولهم : ظل فلان يفعل كذا ، وبات يفعل كذا ، وليس يراد وقت بعينه.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) الاية : ٥٤.
اختلفوا في من نزلت هذه الاية على أربعة أقوال : فقال الحسن وقتادة والضحاك وابن جريح : انها نزلت في أبي بكر.
وقال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهماالسلام وروي عن عمار وحذيفة وابن عباس أنها نزلت في أهل البصرة ومن قاتل عليا عليهالسلام ، فروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال يوم البصرة : والله ما قوتل أهل هذه الاية حتى اليوم ، وتلا هذه الاية. ومثل ذلك روى حذيفة وعمار وغيرهما.
والذي يقوى هذا التأويل أن الله تعالى وصف من عناه بالاية بأوصاف وجدنا أمير المؤمنين عليهالسلام مستكملا لها بالإجماع ، لأنه قال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
وقد شهد النبي عليهالسلام لأمير المؤمنين عليهالسلام بما يوافق لفظ الاية في قوله وقد ندبه لفتح خيبر بعد فرار من فر عنها واحدا بعد واحد : لأعطين الراية غدا رجلا يحب