أعماله : هذا الكتاب مكتوب عندي مهيأ للعرض. قال تعالى خطابا للسائق والشهيق : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ).
وقرأ الحسن «ألقين» بنون التوكيد خطاب لواحد من خزنة النار. (عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ) (٢٥) أي ألقيا في جهنم كل كافر بالله معاند لآياته ، مانع الناس من اتباع رسول الله ومن الإنفاق على من عنده ظالم بالإيذاء وكثرة الهذاء ، شاك في اليوم الآخر فلا يظن أن الساعة قائمة ، فكل كافر هو موصوف بهذه الصفات. (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ) (٢٦) وقوله تعالى : (الَّذِي) مبتدأ يشبه الشرط في العموم ، ولذا دخلت الفاء في خبره ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هو الذي جعل ويكون «فألقياه» تأكيدا لـ «ألقيا» الأول. (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) أي إن الكافر حين يلقى في النار يقول : ربنا أطغاني شيطاني فيقول الشيطان متبرئا منه : ربنا ما أضللته (وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (٢٧) ، أي عن الحق.
وقال ابن عباس : لما يقول الكافر : يا رب ، إن الملك زاد علي في الكتابة ، فكتب على ما لم أقل وما لم أفعل ، وعجلني بالكتابة حتى نسيت. قال الملك الذي يكتب عليه سيئاته : ربنا ما زدت عليه وما كتبت إلّا ما قال وعمل وما أعجلته بالكتابة ، ولكن كان في ضلال طويل لا يرجع عنه إلى الحق. (قالَ) تعالى خطابا للكافرين وقرنائهم : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ) أي في موقف الحساب والجزاء (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) (٢٨) أي بالتهديد في دار الكسب في كتبي ، وعلى ألسنة رسلي حيث قلت لكم : إذا اتبعتم الشيطان تدخلون النار وقد اتبعتموه ، (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) أي ما يغير الوعيد بتخليد الكافر في النار ومجازاة العصاة على حسب استحقاقهم في هذا الموقف (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٢٩) ، أي وما أنا بمعذب للعبيد بغير ذنب من قبلهم ، (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ) ـ وقرئ «يقول» بالياء ـ : (هَلِ امْتَلَأْتِ) أي قد امتلأت كما وعدتك ، وهو استفهام تقرير والمراد الإخبار عنه امتلاء جهنم (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) (٣٠) ، أي قد امتلأت فليس في مكان رجل واحد لم يمتلئ ، فهو استفهام إنكار أي لما خاطب الله جهنم بصورة الاستفهام أيضا ومرادها الإقرار بامتلائها ، أو استفهام لطلب الزيادة فهو بمعنى الأمر أي زدني يا رب ، (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) (٣١) أي قربت الجنة للمتقين عن الكفر والمعاصي قربا حقيقيا بحيث يشاهدونها من الموقف أو قربت تقريب حصول ، لأنها تنال بكلمة طيبة وحسنة. (هذا) أي الجنة (ما تُوعَدُونَ) في الدنيا.
وقرأ ابن كثير بالياء على الغيبة. (لِكُلِّ أَوَّابٍ) أي مقبل إلى الله. و «هذا» بدل كل من «المتقين». (حَفِيظٍ) (٣٢) أي حافظ لأمر الله في الخلوات ، (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) حال من المفعول ، أي غائبا عن الخاشي ، و «من» بدل من «كل» أو خبر مبتدأ مضمر ، أي هم من خشي إلخ ، والخشية من عظمة المخشي والخوف من ضعف الخاشي. (وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) (٣٣) أي