آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٣) ، أبشيء مما تفضل به عليكم من الجنات أم بغيره. (مُدْهامَّتانِ) (٦٤) أي سودا ، وإن من شدة الخضرة من الري ، وهذه صفة لجنتان. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٥) أبشيء من تلك النعم الجليلة أم بغيرها (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) (٦٦) أي فوارتان أي ماؤهما متحرك إلى جهة فوق (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٧) أبتلك النعم أم بغيرها (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (٦٨) وأفردهما بالذكر مع دخولهما في الفاكهة بيانا لفضلهما ، فإن ثمرة النخل فاكهة وغذاء ، والرمان فاكهة ودواء ، فيحنث بأكل أحدهما من حلف لا يأكل فاكهة ، كما قاله الشافعي وأكثر العلماء خلافا لأبي حنيفة ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٦٩) أبتلك النعم أم بغيرها؟ (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) (٧٠) أي في الجنتين نساء في باطنهن خير وفي ظاهرهن حسن.
روى الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت : قلت لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله ، أخبرني عن قوله تعالى : (خَيْراتٌ حِسانٌ) قال : «خيّرات الأخلاق حسان الوجوه». (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧١) أبنعمة الحور أم بغيرها ، (حُورٌ مَقْصُوراتٌ) أي محبوسات على أزواجهن (فِي الْخِيامِ) (٧٢) ، أي في خيام الدر المجوف ، وهي فرسخ في فرسخ ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧٣) أبهذه النعم أم بغيرها؟ (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) (٧٤) أي لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن أحد ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧٥) أبهذه النعم أم بغيرها؟ (مُتَّكِئِينَ) حال مما دل عليه «لم يطمثهن» إلخ فأزواجهم لم يطمثن حال كونهم متكئين (عَلى رَفْرَفٍ) أي رياض أو بسط ، (خُضْرٍ) فالأخضر حصل فيه الألوان الثلاثة الأبيض والأسود والأحمر ، فالأبيض : يفرق البصر والأسود : يجمع البصر كالأحمر ، فلما اجتمع في الأخضر الأمور الثلاثة دفع بعضها أذى بعض ولما كان ميل النفس في الدنيا إلى الأخضر أكثر ذكره الله تعالى ، (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) (٧٦) فالثياب المعمولة عملا جيدا يسمونها عبقريات مبالغة في حسنها ، كأنها ليست من عمل الإنس ، لأن العبقري منسوب إلى عبقر وهو موضع من مواضع الجن ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧٧) أبشيء من هذه النعم أم بغيرها؟ (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٧٨) أي تعالى اسمه الجليل وارتفع عما لا يليق بشأنه.
قرأ ابن عامر ذو الجلال بالواو. والباقون «ذي» بالياء صفة لرب. وهذا إشارة إلى أن أتم النعم عند الله تعالى وأكمل اللذات ذكر الله تعالى.