أولئك العصبة فابتدأ به ورغب في إشاعته وهو عبد الله بن أبي (لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١١) في الآخرة بالنار وفي الدنيا بالحد ، وبالطرد ، وبأنه مشهور عليه بالنفاق (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) (١٢) أي هلا ظننتم بأمثالكم من المؤمنين الذين هم كأنفسكم خيرا حين سمعتم الإفك ، ولم لم تقولوا حينئذ هذا إفك ظاهر؟ فكيف بالصدّيقة ابنة الصدّيق ، أم المؤمنين ، حرمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم! كما روي أن أبا أيوب الأنصاري قال لأم أيوب : ألا ترين ما يقال؟ فقالت : لو كنت بدل صفوان أكنت تظن بحرم رسول الله صلىاللهعليهوسلم سوءا قال : لا ، قالت : ولو كنت أنا بدل عائشة ما خنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فعائشة خير مني وصفوان خير منك (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) أي هلا أتوا على ما قالوا بأربعة شهداء عاينوا الزنا (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) (١٣) أي فحين لم يقيموا بينة على ما قالوا فأولئك الخائضون في حكمه تعالى ، هم الكاملون في الكذب (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٤) أي ولولا فضل الله عليكم أيها السامعون والمستمعون ورحمته في الدنيا بالإمهال للتوبة ، وفي الآخرة بالمغفرة بعد التوبة لأصابكم عاجلا بسبب حديث الإفك الذي خضتم فيه عذاب عظيم. (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) أي وقت أخذكم حديث الإفك من المخترعين حتى اشتهر بسبب إفاضتكم (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) أي تقولون بأفواهكم كلاما ليس تفسيرا عن علم في قلوبكم. (وَتَحْسَبُونَهُ) أي حديث الإفك (هَيِّناً) أي ذنبا صغيرا أو لا إثم فيه حيث سكتم عن إنكاره ، (وَهُوَ عِنْدَ اللهِ) أي والحال أن حديث الإفك عنده تعالى (عَظِيمٌ) (١٥) في الوزر واستجرار العذاب (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا) أي وهلا قلتم تكذيبا للمخترعين والمشيعين حين سمعتم حديث الإفك ما يليق لنا أن نتكلم بهذا القول ، وأن يصدر عنا ذلك بوجه من الوجوه (سُبْحانَكَ) أي أتعجب ممن تفوه بهذا الكلام فإنه أمر عظيم وأنزه الله تعالى عن أن تكون زوجة نبيه فاجرة ، (هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) (١٦) أي كذب عظيم عند الله تعالى لعظمة المتقول عليه ولاستحالة صدق هذا القول (يَعِظُكُمُ اللهُ) بهذه المواعظ التي تعرفون بها عظم هذا الذنب ، كراهة (أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) أي مدة حياتكم (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٧) فإن الإيمان وازع عنه. (وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) أي لأجلكم الآيات الدالة على محاسن الآداب دلالة واضحة لتتأدبوا بها ، (وَاللهُ عَلِيمٌ) بجميع أحوال عباده ، (حَكِيمٌ) (١٨) في جميع تدابيره وأفعاله. (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا) أي إن الذين يريدون انتشار الخصلة المفرطة في القبح فيما بين الناس ، فالجار متعلق بتشيع أو متعلق بمضمر هو حال من الفاحشة ، أي إن العصبة الذين يقصدون شيوع الفاحشة كائنة في حق المؤمنين عائشة وصفوان. (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا) من الحد واللعن والعداوة من الله والمؤمنين. ولقد ضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله بن أبيّ ، فظهر كفره بعد أن كتمه ، وضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حسانا ومسطحا حد القذف ، وقعد صفوان