(كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) (٤) أي المفرق فالله تعالى شبه الناس في وقت البعث بالفراش المنشور في الكثرة ، والتطاير إلى الداعي لأنهم لما بعثوا يموج بعضهم في بعض كالفراش ، وهو الحيوان الذي يتهافت في النار (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (٥) أي وتصير الجبال كالصوف الذي ينفش باليد في تفرق أجزائها وتطايرها في الجو ، (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٧) أي فمن ترجحت مقادير حسناته ، فهو في عيشة ذات رضا يرضاها صاحبها أي فهو في الجنة بغير حساب أما من استوت حسناته وسيئاته فيحاسب حسابا يسيرا ، (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٩) أي وأما من طاشت حسناته فترجحت السيئات على الحسنات فأم رأسه نازلة في النار أي فيهوى في النار على هامته ، ثم إن كان مؤمنا فإما أن يعذب بقدر ذنوبه ، ثم يخرج منها إلى الجنة ، وإما أن يشفع فيه ، وإن كان كافرا فيخلد في النار. (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) (١٠) أي وأي شيء أعلمك يا أكرم الرسل ما هاويه والهاء للسكت.
وقرأ حمزة في الوصل بغير هاء ووقف بها ، والباقون بإثباتها وصلا ووقفا لأنها ثابتة في المصحف (نارٌ حامِيَةٌ) (١١) أي هي نار متناهية حرها فسائر النيران بالنسبة إليها كأنها ليست حارة نعوذ بالله منها ومن جميع أنواع العذاب.
سورة التكاثر
مكية ، ثمان آيات ، ثمان وعشرون كلمة ، مائة وعشرون حرفا
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) (١) أي شغلكم التغالب بالمناقب وبكثرة المال وعدد الرجال والتباهي بذلك عن التدبير في أمر القارعة والاستعداد لها قبل الموت.
روي أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بالأشراف في الإسلام ، فقال كل من الفريقين : نحن أكثر منكم سيدا ، وأعز عزيزا ، وأعظم نفرا ، فكثرهم بنو عبد مناف ، فقال بنو سهم : إن البغي أفنانا في الجاهلية ، فعدوا أحياءنا ، وأحياءكم ، وأمواتنا ، وأمواتكم ففعلوا فكثرهم بنو سهم فنزلت فيهم هذه السورة. وروى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ (أَلْهاكُمُ) وقال ابن آدم يقول : «مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت».
وقرئ «أألهاكم» على الاستفهام التقريري (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢) أي حتى أتاكم الموت