ويمكن الجمع بينهما وبين المستفيضة بإبقائها على حالها وتقييدهما بحال العذر والضرورة ، ولا ريب أنّ هذا الجمع أقوى ، لما مضى (١).
وظاهر الحلّي جواز التأخير إيثاراً لبعض المستحقين ، وإن ضمن مع التلف ولو بغير تفريط ، ولا يأثم بغير خلاف ، وادّعى بعد ذلك أيضاً الإجماع صريحاً ، قال : لأنّه لا خلاف بينهم في أنّ للإنسان أن يخصّ بزكاته فقيراً دون فقير ، ولا يكون مخلًّا بواجب ولا فاعلاً لقبيح (٢).
وفي ثبوت الإجماع بمثل هذا التعليل ما ترى ، مع أنّه موهون جدّاً بمصير الأكثر إلى خلافه كما مضى.
ولشيخنا الشهيد الثاني هنا قول آخر قد تبعه فيه سبطه ومَن عنهما تأخّر (٣) ، وهو جواز التأخير لشهرٍ وشهرين مطلقاً (٤) ؛ ولعلّه للصحيح الماضي سنداً للشيخ ، وقد مرّ ما فيه.
والعجب ممّن تبعه في الاستدلال عليه بما دلّ على جواز التقديم والتأخير زيادة على الشهرين من ثلاثة أشهر أو أربعة ، مع أنّهم لم يذكروها بالكليّة ، اللهم إلاّ أن يكون ذكرهم الشهرين تمثيلاً لا حصراً كما مضى.
( و ) كيف كان ( الأشبه أنّ جواز التأخير مشروط بالعذر فلا يتقدّر بغير زواله ) مطلقاً (٥).
( ولو أخّر ) الدفع ( مع إمكان التسليم ضمن ) بلا خلاف أجده
__________________
(١) من رجحان المستفيضة بما عرفته. منه رحمهالله.
(٢) السرائر ١ : ٤٥٤.
(٣) الروضة ٢ : ٣٩ ، المدارك ٥ : ٢٨٩ ، الذخيرة : ٤٢٨.
(٤) من غير تقييد بعذر ولا بانتظار الأفضل ونحوه. منه رحمهالله.
(٥) أي لا شهرٍ ولا شهرين ولا مع مراعاة الأفضل ونحوه. منه رحمهالله.