وأمّا الأمر بالطرح في البحر فيحتمل أن يكون مع التيقن بفقد المستحق دائماً وإنّما الأصل حفظها إلى أن يوجد المستحق (١).
ومن ورود بعض النصوص بالجواز ، وفيه : قلت له : الرجل منّا يكون في أرض منقطعة كيف يصنع بزكاة ماله؟ قال : « يضعها في إخوانه وأهل ولايته » فقلت : فإن لم يحضره منهم فيها أحد؟ قال : « يبعث بها إليهم » قلت : فإن لم يجد من يحملها إليهم؟ قال : « يدفعها إلى من لا ينصب » قلت : فغيرهم؟ فقال : « ما لغيرهم إلاّ الحجر » (٢).
وأجاب عنه في المعتبر بضعف السند (٣) ، وفي المنتهى بالشذوذ (٤) ، مشعراً بدعوى الإجماع على خلافه وإن حكى القول به في عنوان المسألة ، ومع ذلك فلم يُعرِب عن قائله أنّه من هو؟
وعلى هذا فلا ريب أنّ ( أشبهه المنع ) بل ولا وقع للتردّد في مثله ، لعدم مقاومة دليل الجواز مع ما عليه مما عرفته لمقابله من وجوه عديدة ، وإن تأيّد بما دلّ على الجواز في زكاة الفطرة من المعتبرة المستفيضة ، لمعارضتها بمثلها بل وأجود ، مضافاً إلى ما سيأتي فيها.
( وكذا ) الكلام ( في ) زكاة ( الفطرة ) فلا تُعطى غير المؤمن مطلقاً على الأشهر الأقوى ، بل عليه في الانتصار والغنية إجماعنا (٥) ؛ لعموم الأدلّة المتقدمة ، وصريح الصحيح : عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟
__________________
(١) المنتهى ١ : ٥٢٣.
(٢) التهذيب ٤ : ٤٦ / ١٢١ ، الوسائل ٩ : ٢٢٣ أبواب المستحقين للزكاة ب ٥ ح ٧.
(٣) المعتبر ٢ : ٥٨٠.
(٤) المنتهى ١ : ٥٢٣.
(٥) الانتصار : ٨٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٨ ٥٦٩.