ويعضد هذا الحمل التصريح في الصحيح الآخر بأنّها بعد الصلاة صدقة ، بعد التصريح فيه بأنّها قبلها أفضل (١).
ويحتمل الأفضل فيهما الحمل على ما لا مفضّل عليه له ، كما هو شائع في الكتاب والسنة ، وارتكابه أولى من حمل الصدقة على الواجبة ، إذ المقابلة بها للفطرة أوضح دليل على أنّ المراد بها المندوبة ، وإلاّ فالفطرة أيضاً صدقة واجبة ، مع أنّه لا داعي لوجوبها بعد خروجها عن حقيقة الفطرة ، لاختصاص ما دلّ على الوجوب بها دون الصدقة.
وعلى أحد هذين الحملين أيضاً يحمل لفظة « ينبغي » الواردة في المروي عن الإقبال ، وفيه : روينا بإسنادنا إلى الصادق عليهالسلام قال : « ينبغي أن يؤدّي قبل أن يخرج الناس إلى الجبّانة (٢) ، فإذا أدّاها بعد ما رجع فإنّما هي صدقة وليست فطرة » (٣).
وبما ذكر ظهر أنّ الأشهر أظهر ، سيّما وفي المختلف الإجماع على حصول الإثم بالتأخير عن الزوال (٤) ؛ ولعلّه فهم من لفظ الصلاة وقتها بناءً على كونه عندهم الزوال ، ويعضده التحديد بالظهر في المروي عن الإقبال بقوله عليهالسلام « إن أخرجتها قبل الظهر فهي فطرة ، وإن أخرجتها بعد الظهر فهي صدقة لا تجزيك » (٥).
مضافاً إلى أنّه قد لا يقع صلاة ، وسقوط الفطرة حينئذٍ فاسد ، فلا وقت
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٧٠ / ١٠ ، التهذيب ٤ : ٧١ / ١٩٣ ، الوسائل ٩ : ٣٥٣ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ١.
(٢) الجَبّانة والجَبّان : الصحراء. مجمع البحرين ٦ : ٢٢٤.
(٣) الإقبال : ٢٨٣ ، الوسائل ٩ : ٣٥٥ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ٧.
(٤) المختلف : ٢٠٠.
(٥) الإقبال : ٢٧٤ ، الوسائل ٩ : ٣٣١ أبواب زكاة الفطرة ب ٥ ح ١٦.