أسانيدها جملةً ؛ لانجبارها بعمل الأصحاب جملةً ولو في الجملة ، حتى نحو الحلّي وابن زهرة (١) ، ممّن لم يعمل بأخبار الآحاد إلاّ حيث تكون مخففةً بالإجماع وغيره من القرائن القطعية.
نعم يبقى الإشكال في الاستحباب من حيث الخصوصية ، ولو في الجملة (٢). وهو لم ينعقد عليه إجماع محلّ مناقشة ؛ لعدم دليل عليها إلاّ النصوص المرغبة ، وهي مع قصور أسانيدها ، وعدم ظهور عامل بإطلاقها بالكلّية معارَضة بأكثر منها كثرة زائدة ، تكاد تقرب التواتر.
ولأجلها لا يمكن العمل بتلك ، ولو من باب المسامحة ؛ إذ هي حيث لم تحتمل منعاً ولو كراهةً ، وهي محتملة من جهة الأخبار المانعة.
إلاّ أن يقال : إنّ أكثرها يقبل الحمل الذي ذكره الجماعة ، وما لا تقبله منها قليلة نادرة ، لا يُعبأ بما فيها من احتمال حرمةٍ أو كراهةٍ في مقابلة الإجماع المنقول كما عرفته المعتضد بالشهرة العظيمة ، على وجه الجمع الذي ذكره الجماعة.
وهو حسن ، وإن كان في النفس بعد ذلك منه شيء ، سيّما مع احتمال تفسير الصوم على وجه الحزن في العبائر بما ذكره جماعة ، من استحباب الإمساك عن المفطرات إلى العصر (٣) ، كما في النصّ : « صمه من غير تبييت ، وأفطره من غير تشميت ، ولا تجعله يوم صوم كملاً ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة ، على شربة من ماء ، فإنّه في ذلك الوقت من
__________________
(١) الحلّي في السرائر ١ : ٤١٨ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٣.
(٢) أي من جهة الحزن خاصة ( منه رحمهالله ).
(٣) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٨٠ ، والفيض في المفاتيح ١ : ٢٨٤ ، وانظر مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ١٩٠ ، والحدائق ١٣ : ٣٧٦.