هذا الأصل أن يكون القرء الطهر ، لاجتماع الدم في جملة البدن ، هذا قول الزجاج.
والوجه الثاني : أن يكون أصل القرء وقت الفعل الذي يجري على [آخر] (١) عادة في قول أبي عمرو بن العلاء ، وقال : هو يصلح للحيض والطهر ، يقال : هذا قارئ الرياح أي وقت هبوبها ، قال الشاعر :
شنئت العقر عقر بني شليل |
|
إذا هبت لقارئها الرياح (٢) |
أي : لوقت هبوبها وشدة بردها ، وقال آخر :
رجاء أياس أن تؤوب ولا أذى |
|
اياسا لقرء الغائبين يؤوب |
أي : لحين الغائبين ، فعلى هذا يكون القرء والحيض ، لأنه وقت اجتماع الدم في الرحم على العادة المعروفة فيه ، ويكون الطهر لأنه وقت ارتفاعه على عادة جارية فيه وقال الأعشى في الطهر :
وفي كل عام أنت حاشر (٣) غزوة |
|
تشد لاقصاها عزيم عزائكا (٤) |
مورثة مالا وفي الأصل (٥) رفعة |
|
لما ضاع فيها من قروء نسائكا |
فالذي ضاع هاهنا الاطهار ، لأنه بعد غيبته ، فيضيع بها طهر النساء فلا يطأهن.
واستشهد أهل العراق بأشياء يقوى أن المراد الحيض ، منها قوله عليهالسلام في مستحاضة سألته : دع الصلاة أيام أقرائك. واستشهد أهل المدينة بقوله (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (٦) أي : طهر لم يجامع فيه ، كما يقال لغرة الشهر ، وتأوله غيره لاستقبال عدتهن وهو الحيض.
__________________
(١). الزيادة من التبيان.
(٢). ديوان الهذليين ٣ / ٨٣.
(٣). في التبيان : جاشم.
(٤). ديوان الأعشى ص ٩١.
(٥). في التبيان : الحمد.
(٦). سورة الطلاق : ١.