لتخصيصه فيصحّ الثاني.
عدا ما قيل : من أن المالك أمين على الزكاة ، فيجب عليه الاجتهاد والاستظهار في دفعها إلى مستحقّها ، فبدونه تجب الإعادة (١).
والصحيح : قلت له : رجل عارف ادّعى الزكاة إلى غير أهلها زماناً ، هل عليه أن يؤدّيها ثانيةً إلى أهلها إذا علمهم؟ قال : « نعم » قال ، قلت : فإن لم يعرف لها أهلاً فلم يؤدّها أو لم يعلم أنّها عليه فعلم بعد ذلك؟ قال : « يؤدّها إلى أهلها لما مضى » قلت : فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال : « ليس عليه أن يؤدّيها مرّة أُخرى » (٢).
وفي رواية أُخرى مثلها غير أنّه قال : « إن اجتهد فقد برئ ، وإن قصّر في الاجتهاد فلا » (٣).
ويضعّف الأوّل : بأنّه إن أُريد بالاجتهاد القدر المسوّغ لدفع الزكاة إليه ولو بدعواه الفقر فمرجع هذا التفصيل إلى المختار. وإن أُريد به الزائد على ذلك كما هو الظاهر من لفظ الاجتهاد فهو غير واجب عندهم بلا خلاف بينهم فيه أجده ، وبه صرّح جماعة (٤) ، حملاً لأفعال المسلمين وأقوالهم على الصحة ، كما يستفاد من التتبّع والاستقراء لموارد كثيرة ، مع استلزام وجوبه العسر والحرج المنفيين في الشريعة ، وكونه خلاف الطريقة
__________________
(١) قاله في المعتبر ٢ : ٥٦٩.
(٢) الكافي ٣ : ٥٤٦ / ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٢ / ٢٩٠ ، الوسائل ٩ : ٢١٤ أبواب المستحقين للزكاة ب ح ١.
(٣) الكافي ٣ : ٥٤٦ / ذيل حديث ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٣ / ٢٩١ ، الوسائل ٩ : ٢١٤ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢ ح ٢.
(٤) منهم صاحب المدارك ٥ : ٢٠٦ ، والذخيرة : ٤٦٤.