وهذه النصوص مع استفاضتها ، وصراحة ما عدا الصحيحة الأُولى منها وظهورها أيضاً ، واعتبار أسانيد أكثرها وإن سلّمنا عدم صحّتها لا معارض لها عدا الإطلاقات ، واللازم على تقدير انصرافها إلى محلّ البحث تقييدها بهذه لأخصّيتها بالإضافة إليها.
والصحيح المتقدّم سنداً للقدماء وهو بعد الإغماض عن سنده غير واضح الدلالة على مطلوبهم ؛ إذ ليس فيه إلاّ الأمر بصيام ذلك اليوم ، والمراد به إتمامه ، دفعاً لتوهّم أنّ الإفطار في الأثناء يبيحه في الباقي.
ولا ينافيه الاستدلال بالآية الكريمة ، بل يؤكّده ؛ لدلالتها على وجوب الإمساك إلى الليل مطلقاً ، أكل في الأثناء أم لا. وكذا قوله تفريعاً عليها : « فمن أكل » إلى آخره.
بل قوله في تعليل القضاء بأنّه « أكل متعمّداً » يؤكّد إرادة ما ذكرناه ، وإلاّ فالأكل بظنّ الغروب ليس أكلاً متعمّداً ، كما لا يخفى.
ولئن تنزلّنا ، فلا أقلّ من احتمال ما ذكرناه احتمالاً متساوياً ، فتكون به الرواية مجملةً لا تصلح للحجّية ، فضلاً عن أن تُعارَض بها تلك الأخبار المستفيضة ، التي في الدلالة هي ما بين صريحة وظاهرة.
مع أنّها موافقة لما عليه الجمهور ، كما صرّح به في المنتهى (١) ، فينبغي حملها على التقيّة وإن سلمت عمّا قدّمناه من وجوه المناقشة.
فهذا القول في غاية القوّة ، سيّما مع اعتضاده بأصالة البراءة.
وإن كان الأول أحوط ؛ للشهرة العظيمة القريبة من الإجماع من القدماء لولا مخالفة الصدوق ، لرجوع الشيخ في المبسوط عمّا في النهاية ، وعدم معلومية مذهب القاضي في المسألة ؛ لاختصاص عبارته المنقولة في
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٥٧٨.