وهو حسن ، لولا المعتبرة المستفيضة الآتية المفصّلة بين السفر قبل الزوال فيفطر ، وبعده فيتمّ ، فإنّها لا تقبل الحمل على شيء من ذلك ، إلاّ بتكلّف بعيد (١) لا وجه له ، عدا الجمع بين النصوص المختلفة في المسألة ، وهو غير منحصر في ذلك.
فيحتمل الجمع بوجه آخر ، وهو : حمل نصوص هذا القول بجملتها مفصّلها ومطلقها ، بعد التنزيل على التقية ، فقد حكي القول بوجوب الصوم مع تبييت نيّته عن جماعة من العامّة ، كالشافعي ومالك والأوزاعي وأبي ثور والنخعي وأبي حنيفة (٢).
بل هذا الجمع أولى ؛ لرجحان المستفيضة الآتية سنداً واعتضاداً بفتوى جماعة من أعيان القدماء وأكثر المتأخّرين ، مع وضوح الشاهد عليه نصّاً (٣) واعتباراً.
( و ) لذا ( قيل : الشرط خروجه قبل الزوال ) فيفطر معه مطلقاً (٤) ، ويصوم مع عدمه ، كذلك.
والقائل : المفيد ، والإسكافي ، والحلبي لكنّه أوجب القضاء مطلقاً والصدوق في ظاهر الفقيه ، والمقنع ، والكليني في الكافي ، وإليه ذهب الفاضل في أكثر كتبه ، وولده ، والشهيدان (٥) ، وغيرهم من
__________________
(١) وهو حمل الإفطار قبل الزوال فيها على صورة التبييت ، والصوم بعده على صورة العدم ( منه رحمهالله ).
(٢) حكاه العلامة في المنتهى ٢ : ٥٩٩ ؛ وأنظر المغني لابن قدامة ٣ : ٩٠.
(٣) وهو قوله « خذ بما خالف العاقة » ( منه رحمهالله ) ، أنظر الكافي ١ : ٦٧ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ٥ / ١٨ ، التهذيب ٦ : ٣٠١ / ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.
(٤) سواء بيَّت نية السفر أم لا ( منه رحمهالله ).
(٥) المفيد في المقنعة : ٣٥٤ ، عن الإسكافي في المختلف : ٢٣٠ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٢ ، الفقيه ٢ : ٩٢ ، المقنع : ٦٢ ، الكافي ٤ : ١٣١ ، الفاضل في المنتهى ٢ : ٥٩٨ ٥٩٩ ، والمختلف : ٢٣١ ، والتحرير ١ : ٨٣ ، فخر المحققين في الإيضاح ١ : ٢٤٤ ، الشهيدان في اللمعة وشرحها ( الروضة ٢ : ١٢٧ ).