غيره (١).
وهي بإطلاقها بل عمومها الناشئ عن ترك الاستفصال تعمّ صورتي الاختيار والضرورة ، كما هو ظاهر العبارة هنا وفي الشرائع ، والتحرير والمنتهى والقواعد ، والتهذيبين ، واللمعتين ، والسرائر ، وعن المبسوط والجمل (٢) ، بل صريحها وصريح ابن حمزة على ما حكاه بعض الأجلّة (٣) ، قال : وخالف فيه القاضي والحلبيّان والمحقّق الثاني ، فاشترطوا الضرورة (٤).
أقول : وظاهر الغنية دعوى الإجماع.
وعليه فيمكن الجمع بين ما مرّ من المعتبرة والصحاح المعارضة ، منها : في متمتّع دخل يوم التروية ولا يجد هدياً : « فلا يصوم ذلك اليوم ولا يوم عرفة ، ويتسحّر ليلة الحصبة (٥) ، فيصبح صائماً ، وهو يوم النفر ،
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٢٣١ / ٧٨٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٩ / ٩٩١ ، الوسائل ١٤ : ١٩٥ أبواب الذبح ب ٥٢ ح ١.
(٢) الشرائع ١ : ٢٦٢ ، التحرير : ١٠٥ ، المنتهى ٢ : ٧٤٣ ، القواعد : ٨٨ ، التهذيب ٥ : ٢٣١ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٠ ، الروضة ٢ : ١٣٢ ، السرائر ١ : ٥٩٢ ، المبسوط ١ : ٣٧٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٣٦.
(٣) الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٦٣ ، ولم يعدّ فيه المحقق الثاني من جملة المخالفين ، ولم نعثر على مخالفته في جامع المقاصد.
(٤) القاضي في المهذب ١ : ٢٠٠ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٨ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٢.
(٥) المُحَصَّب : موضع الجمار عند أهل اللغة ، والمراد به هنا كما نَصَّ عليه بعض شرَّاح الحديث الأبطح ، إذ المُحَصَّب يصح أن يقال لكل موضع كثيرة حصباؤه ، والأبطح ميل واسع فيه دقاق الحصى ، وهذا الموضع تارة يسمى بالأبطح وأخرى بالمحُحَصَّب ، أيّ عند منقطع الشّعب من وادي منى وآخره متصل بالمقبرة التي تسمى عند أهل مكة بالمعلّى ، وليس المراد بالمخَصَّب موضع الجمار بمنى ، وذلك لأنّ السنّة يوم النفر من منى أن ينفر بعد رمي الجمار وأول وقته بعد الزوال وليس له أن يلبث حتى يمسي ، وقد صلى به النبي المغرب والعشاء الآخرة وقد رقد به رقدة ، فعلمنا أن المراد من المحصّب ما ذكرناه. و « التَّحصيب » المستحب هو النزول في مسجد المحصبة والاستلقاء فيه ، وهو في الأبطح ، وهذا الفعل مستحب تأسياً بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليس لهذا المسجد أثر في هذا الزمان ، فتتأدى لسنة بالنزول في الأبطح قليلاً ثم يدخل البيوتَ من غير أن ينام بالأبطح ، و « ليلة الحَصْبة » بالفتح بعد أيام التشريق ، وهو صريح بأن يوم الحَصْبة هو يوم الرابع عشر لا يوم النَّفْر ، يؤيده ما روي عن أبي الحسن عليهالسلام وقد سُئل عن متمتع لم يكن له هدي؟ فأجاب : « يصوم أيام منى ، فإن فاته ذلك صام صبيحة يوم الحَصبة ويومين بعد ذلك » مجمع البحرين ٢ : ٤٣ ٤٤.