وكلّ هذا إنّما يتوجّه على المشهور ، وإلاّ فعلى غيره لا وجه للخرص في ذلك الوقت ، ولا المنع عن التصرف إلاّ بالتضمين ؛ لجوازه من غير احتياج إليه على هذا التقدير ، وهذا إحدى الثمرات المتفرّعة على الخلاف هنا.
لكن أجاب عن هذا في الذخيرة بأنّ على تقدير ثبوته يجوز أن يكون مختصّاً بما كان تمراً على النخل ، أو يكون الغرض من ذلك أن يؤخذ منهم إذا صارت الثمرة تمراً أو زبيباً ، فإذا لم يبلغ ذلك لم يؤخذ منهم (١).
وهو حسن ، إلاّ أنّ قوله : على تقدير ثبوته ، مشعر بتردّد له فيه. وليس في محلّه ؛ للروايات المعتضدة والمنجبرة بالشهرة والإجماع المحكي. وكذا تجويزه الاختصاص بما إذا كان تمراً على النخل ؛ لما عرفت من اعترافهم حتى الماتن الموافق له هنا بخلافه.
نعم يتوجّه الأخير ، وبه يجمع بين كلامي الماتن هنا وثمة ، أو يجعل كلامه ثمة تفريعاً على القول المشهور ، وإلاّ فالمنافاة بينهما واضحة.
ويمكن الجواب عن الرواية الأُولى : بقوّة احتمال كون وقت الخَرْص فيها هو وقت الصرام ، لجعله فيها أيضاً وقت الوجوب ، فإذا حمل وقته على ما هو المشهور لكان التعليق بوقت الصرام ملغىً ، لما بين وقته ووقت الخرص بالمعنى المشهور من المدّة ما لا يخفى ، إذ الخرص بهذا المعنى في حال البسريّة والعنبيّة ، والصرام إنّما يكون بعد صيرورته تمراً ، فكيف يستقيم تعليق الوجوب بكلّ منهما ، بل إنّما يستقيم بحمل الخرص فيها على وقت كونه تمراً أو زبيباً ، والمراد أنّ في ذلك الوقت يتعلّق به الوجوب
__________________
(١) الذخيرة : ٤٢٨.