اصطلاح آخر لهم على «ما يرجح جانب وجوده على جانب عدمه ترجيحا ليس معه المنع من النقيض» (١) وهي بذلك ترادف كلمة المستحب ، وربما كان إطلاقها على النافلة في العبادات من باب إطلاق العام على الخاصّ ، وكذلك إطلاقها على خصوص «ما واظب على فعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع ترك ما بلا عذر» (٢) كما جاء في بعض التحديدات.
السنة عند الأصوليين :
وقد اختلفوا في مدلولها من حيث السعة والضيق مع اتفاقهم على صدقها على «ما صدر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قول أو فعل أو تقرير» وقيدها الشوكاني بقوله : «من غير القرآن» وهو قيد في غير موضعه لأن القرآن لم يصدر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما صدر عن الله وبلّغه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو لا يصدق عليه أنه قوله إلا بضرب من التجوز والتحديد العلمي لا يتحمله ، وهناك قيود أخر أضافها غير واحد كقولهم : إذا كان في مقام التشريع ، وسيتضح ان هذه القيود لا موضع لها أيضا لأنه ما من شيء يصدر عن الإنسان بإرادته إلا وله في الشريعة حكم ، فجميع ما يصدر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ثبوت عصمته ـ لا بد ان يكون صادرا عن تشريع حكم وله دلالته في مقام التشريع العام ، إلا ما اختص به صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيأتي الحديث فيه.
وموضع الاختلاف في التحديد توسعة الشاطبي لها إلى ما تشمل الصحابة حيث اعتبر ما يصدر عنهم سنة ويجري عليه أحكامها الخاصة من حيث الحجية (٣).
وربما وافقه بعضهم على ذلك ، بينما وسعها الشيعة إلى ما يصدر عن أئمتهم عليهمالسلام
__________________
(١) إرشاد الفحول : ٣٣.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الموافقات : ٤ ـ ٧٤.