بلوازم هذه الروايات ، لأن لازم الحكم ببقاء اليقين وحرمة نقضه بالشك هو الحكم ببقاء المتيقن ، أي الحكم الّذي كان منكشفا باليقين وكلا التعريفين صحيح.
الاستصحاب أصل إحرازي :
ومن هذا التعريف ندرك السر في تسمية الاستصحاب بالأصل الإحرازي على ألسنة جملة من أعلامنا المتأخرين ، وذلك لما لاحظوا من أن لسان اعتباره يختلف عن كل من لسان جعل الطريقية للأمارة وجعل الحجية للأصول المنتجة للوظائف الشرعية.
فقد اعتبر في لسان جعله عدم نقض اليقين بالشك ، فهو من ناحية فيه جنبة نظر إلى الواقع ، ولكن هذه الناحية لم يركز عليها الجعل الشرعي وانما ركز الجعل على الأمر باعتبار المكلف مشكوكه متيقنا ، وإعطاؤه حكم الواقع وتنزيله منزلته من حيث ترتيب جميع أحكامه عليه ، فهو من حيث الجري العملي واقع تنزيلا وان كانت طريقيته للواقع غير ملحوظة في مقام الجعل ، بينما نرى ان لسان جعل الأمارة ركز على ما فيها من إراءة وكشف ، واعتباره كاملا ، فهو يقول بفحوى كلامه : ان مؤدى الأمارة هو الواقع «فإذا حدث فعني يحدث» (١) كما جاء ذلك في بعض ألسنة جعل الحجية لخبر الواحد ، والمسئول عنه أحد الرّواة من أصحاب الأئمة.
أما الأصل غير الإحرازي فهو لا يتعرض إلى أكثر من اعتبار الجري العملي على وفقه مع فرض اختفاء الواقع وبهذا يتضح :
__________________
(١) الكافي : ١ ـ ٣٣٠ ، الحديث : ١ ، وفيه «... فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدي وما قال لك عنّي فعنّي يقول ...».