ولا يعلم مخالف في ذلك من المسلمين على الإطلاق ، إلا ما يبدو من أولئك الذين ردّ عليهم الشافعي وهم على طوائف ثلاث ، وجل أقوالهم تنصب على السنة المرويّة لا على أصل السنة ، فراجعها في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد يوسف موسى (١).
ونقلة الإجماع على الحجية كثيرون ، إلا أن الإشكال في حجية أصل الإجماع لدى البعض وفي مصدر حجيته لدى البعض الآخر ، فإن أنكرنا حجية الإجماع أو قلنا : إن مصدره من السنة نفسها ، لم يعد يصلح للدليلية هنا ، أما مع إنكار الحجية فواضح ، واما مع انحصار مصدره بالسنة فللزوم الدور لوضوح ان حجية الإجماع تكون موقوفة على حجية السنة ، فإذا كانت حجية السنة موقوفة على حجية الإجماع ، كانت المسألة دائرة.
٣ ـ دلالة السنة على حجية نفسها :
وقد استدل بها غير واحد من الأصوليين ، يقول الأستاذ سلام : كما دل على حجيتها ومنزلتها من الكتاب قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع : «تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدهما أبدا : كتاب الله وسنة نبيه. وإقراره لمعاذ بن جبل لما قال : أقضي بكتاب الله فإن لم أجد فبسنة رسوله» (٢).
ويقول الأستاذ عمر عبد الله ، وهو يعدد أدلته على حجيّة السنة : «ثانيا : ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اعتبر السنة دليلا من الأدلة الشرعية ومصدرا من مصادر التشريع ، كما دل على ذلك حديث معاذ بن جبل حينما بعثه الرسول إلى اليمن» (٣).
وهذا النوع من الاستدلال لا يخلو من غرابة لوضوح لزوم الدور فيه ، لأن
__________________
(١) ص ٢٢٧ وما بعدها.
(٢) المدخل للفقه الإسلامي : ص ٢٢٥.
(٣) سلم الوصول : ص ٢٦١.