أخرى ، لأن الظن إن أريد منه خصوص ما قام على اعتباره دليل من شرع أو عقل ، كانت التعاريف غير جامعة وذلك :
١ ـ لخروج العلم بالأحكام عنها لبداهة انها ليست بظن.
٢ ـ وخروج ما لم يفد الظن مما قام عليه دليل بالخصوص.
وان أريد به الأعم من الظن المعتبر وغيره كما هو الظاهر من إطلاق التعبير ، كانت بالإضافة إلى ذلك غير مانعة لدخول الظنون غير المعتبرة في هذه التعاريف ، مع اتفاقهم ـ ظاهرا ـ على عدم اعتبارها من أدلة التشريع.
وقد حاول بعض أساتذتنا ـ فيما نسب إليه ـ ان يصحح هذه التعاريف على مذهب الآخذين بالظنون القياسية والاستقرائية والاستحسانية ظانا ان هؤلاء انما يعملون بها لأنها ظنون فحسب لا لأنها ظنون معتبرة عندهم بقيام الدليل عليها ، مع ان لهم أدلة يذكرونها على حجيتها ، وقد سبق عرضها في المباحث السابقة عند التعرض لهذه الأقسام في الباب الأول من هذا الكتاب.
والّذي يبدو ان ذكر الظن هنا غير ذي موضوع لعدم وجود أية خصوصية له تبرر ذكره في التعريف ، لأن المدار على ما قامت عليه الحجة أفاد الظن أم لم يفده.
وكأنه لذلك عدل غير واحد من الأصوليين عن ذكره واكتفوا بأخذ العلم فيه.
أخذ العلم فيه ومناقشة التعريف :
فقد عرفه الخضري ب : «بذل الفقيه وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة» (١). وجرى على ذلك جملة من أعلام الأصوليين.
والّذي يرد على هذا النوع من التعاريف : ان العلم هنا إن كان قد أرادوا به الأعم من العلم الوجداني والتعبدي ، وأرادوا بكلمة الحكم الشرعي الأعم من الواقعي والظاهري ، كانت هذه التعاريف سليمة نسبيا لاندفاع المؤاخذات
__________________
(١) أصول الفقه للخضري : ص ٣٥٧.