قبله لا وظيفة لها إلا تنجيز متعلقها ، أو التماس المعذرية لمن قامت عنده ـ كان قيام الأمارة وغيرها كعدمه لا يبدل في الواقع ولا يغير ، والواقع يبقى على حاله ، فإن أصابه المجتهد كان مصيبا وإلا فهو مخطئ معذور.
وتسمية ما قامت عليه الأمارة أو الأصل بالحكم الظاهري إنما هي «لمكان احتمال مخالفة الطريق والأصل للواقع وعدم إيصاله إليه ، وإلا فليس الحكم الظاهري إلا هو الحكم الواقعي الّذي قامت عليه الأمارات والأصول مطلقا ، محرزة كانت الأصول أو غير محرزة ، وهذا هو الّذي قام عليه المذهب ، ويقتضيه أصول المخطئة» (١).
والظاهر ان أدلة الأمارات والأصول التي سبق عرضها هي التي تقتضي ما ذهب إليه المخطئة ، إذ لا تدل على أكثر من المنجزية أو المعذرية.
القول بالمصلحة السلوكية ومناقشته :
وهو الّذي أخذ من التخطئة والتصويب معا ، وقد ذهب إليه الشيخ الأنصاري قدس سرّه حيث التزم بالطريقية بالنسبة إلى مفاد أدلة حجية الطرق والأمارات من دون ان يكون هناك أي تصرف في المتعلق يزاحم به الواقع المجعول بحق الجاهلين والعالمين على السواء ، كما التزم بسببية الأمارة لخلق مصلحة في نفس السلوك لا في المتعلق «وتلك المصلحة مما يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع» (٢).
فهو آخذ من المخطئة التزامهم بجعل الطريقية للطرق والأمارات ، ومن المصوبة كونها سببا في خلق المصلحة.
__________________
(١) فوائد الأصول : ١ ـ ١٤٢.
(٢) المصدر السابق : ص ٣٧.