الشيعة قد فتحوا على أنفسهم أبواب الاجتهاد فأصبح كل مجتهد له رأيه الخاصّ ولا يتحمل الآخرون تبعته.
نعم ، ما كان من ضروريات مذهبهم فإن الجميع يؤمنون به.
والشيء الّذي لا أشكّ فيه ، هو ان المنع عن العمل بقسم من أقسام القياس يعد من ضروريات مذهبهم لتواتر أخبار أهل البيت في الردع عن العمل به (١) ، لا ان العقل هو الّذي يمنع التعبّد به ويحيله ، ولذلك احتاجوا إلى بذل جهد في توجيه ترك العمل به مع افادته للظن على تقدير تمامية مقدمات دليل الانسداد المقتضية للعمل بمطلق الظن ، وسيأتي انها غير تامة ، فلو كانوا يؤمنون بالإحالة العقلية في العمل به لما احتاجوا إلى ذلك التوجيه (٢).
وعلى أي فإن حجية القياس وعدمها تعود إلى ثلاثة أقوال رئيسة :
١ ـ قول بالإحالة العقلية.
٢ ـ قول بالوجوب العقلي.
٣ ـ قول بالإمكان ، وهو ذو شقين إمكان مع القول بالوقوع ، والقول بعدمه ، فلا بدّ من التماس هذه الأقوال واستعراض أدلتها ، وبيان أوجه المفارقة فيها لو كانت.
الإحالة العقلية وأدلتها :
والذين ذهبوا إلى هذا القول لا تختص أدلتهم بالقياس ، بل تعم جميع الطرق والأمارات الظنية لوحدة الملاك فيها.
وأهم ما يمكن ان يستدل لهم به ما سبق عرضه من الشبه حول جعل الأحكام الظاهرية من لزوم اجتماع المثلين أو النقيضين ، وقد سبق الجواب عليها في
__________________
(١) راجع : المعالم : ص ٢١٣ مبحث القياس.
(٢) راجع : فرائد الأصول : للشيخ الأنصاري قدس سرّه : ص ٢٢٠ (أواخر مبحث دليل الانسداد).