هؤلاء في حكم تخيروا في الرجوع إلى أيهم شاءوا.
على أن الإجماع لو صح وجوده ، وقلنا بوجود إطلاق له يشمل صورة الاختلاف فهو لا يزيد على الأدلة اللفظية ، وقد قلنا بامتناع شمولها للمتناقضين لاستحالة التعبد بهما عقلا.
وما يقال عن هذا الإجماع في عدم إمكان التعبد به في صورة الاختلاف ، يقال عن الأدلة اللفظية التي ذكرها ـ لو صحت سندا وتمت دلالتها على العموم ـ وقد مر الحديث في حجيتها في مبحث (سنة الصحابة) (١) و (مذهب الصحابي) (٢).
٥ ـ أدلة العسر والحرج :
بدعوى انها رافعة لوجوب الرجوع إلى الأعلم لكون تشخيصه حرجيا غالبا.
والمناقشة فيها أيضا واقعة صغرى وكبرى. أما الصغرى ، فلعدم وجود العسر والحرج مع توفر أهل الخبرة في تعيينه ، وإمكان الرجوع إليهم. وأما الكبرى ، فلما سبق بيانه من أن موضوع أدلة نفي الحرج هو الحرج الشخصي لا النوعيّ ، والحكم يدور مدار وجود ذلك الحرج عند الشخص ، فإن وجد لدى شخص ارتفع الحكم بقدره ، لأن الضرورات تقدر بقدرها.
وعليه تكون هذه الأدلة أضيق من المدعى. وإذا كانت هذه الأدلة لا تكفي لرفع اليد عن لزوم تقليد الأعلم ، فهل هناك أدلة تعين اعتبار هذا الشرط؟
أدلة اعتبار الأعلمية :
وقد ذكر العلماء لذلك عدة أدلة نذكرها ملخصة :
__________________
(١) راجع : ص ١٢٧ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) راجع : ص ٤٢٣ وما بعدها من هذا الكتاب.