استعراضها ورد ما أثير حول دلالتها من مناقشات.
الغزالي واستدلاله :
نعم ، استدل الغزالي بدليلين لا يرجعان إلى ما ذكرناه من الأدلة ، لا بأس بعرضهما وهما :
١ ـ «إجماع الصحابة ، فإنهم كانوا يفتون العوام ولا يأمرونهم بنيل درجة الاجتهاد ، وذلك معلوم على الضرورة والتواتر من علمائهم وعوامهم» (١).
ويرد عليه ان الإجماع بمفهومه الاصطلاحي ـ أي صدور الفتوى عن الجميع ـ لا دليل على إثباته ، ودعوى ثبوته بالتواتر والضرورة مصادرة.
نعم ، إذا أراد ان هذه الظاهرة كانت موجودة بينهم بالضرورة فهو صحيح ولا إشكال فيه ، ولكنها ليست إجماعا بالمعنى المصطلح.
٢ ـ «ان الإجماع منعقد على ان العامي مكلف بالأحكام ، وتكليفه طلب رتبة الاجتهاد محال لأنه يؤدي إلى ان ينقطع الحرث والنسل ، وتتعطل الحرف والصنائع ويؤدي إلى خراب الدنيا لو اشتغل الناس بجملتهم بطلب العلم ، وذلك يرد العلماء إلى طلب المعايش ، ويؤدي إلى اندراس العلم ، بل إلى إهلاك العلماء وخراب العالم ، وإذا استحال هذا لم يبق إلا سؤال العلماء» (٢).
وهذا الدليل ـ على خطابيته ـ سليم في إثبات أصل جواز التقليد.
ثم أورد على نفسه ، ودفعه بقوله : «فإن قيل : فقد أبطلتم التقليد وهذا عين التقليد ، قلنا : التقليد قبول قول بلا حجة ، وهؤلاء وجب عليهم ما أفتى به المفتي بدليل الإجماع» (٣).
__________________
(١) المستصفى : ٢ ـ ١٢٤.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.