ولأحدهما غير المعين لا ثمرة له ، والمعين ترجيح بلا مرجح كما سبق. فالقول بإمكان الرجوع إلى بعض الأصول في الأطراف لا نملك توجيهه فعلا.
نعم ، إذا كان لبعض الأطراف خصوصية توجب إجراء أصل فيه ، تعين إجراؤه ، وخرجت المسألة عن الفرض لعدم الدوران حينئذ بين المحذورين.
١ ـ التخيير وإجراء البراءتين :
أما القول الأول ـ أعني جريان البراءة في كل منهما عقلا وشرعا ـ فيرد عليه :
أ ـ جمع البراءة العقلية والشرعية على صعيد واحد مع اختلافهما رتبة وعدم إمكان الجمع بينهما ، ولهذا جعلنا أدلة البراءة الشرعية واردة على البراءة العقلية ، ومع فرض قيام أحدهما لا مجال للأخرى.
ب ـ عدم إمكان جعل البراءة الشرعية فيهما ، لما سبق بيانه قبل قليل ، والبراءة العقلية لا مسرح لها لوجود البيان الواصل من الشارع بالعلم ، وكون هذا العلم لا أثر له لعدم إمكان تنجيز متعلقه لا يرتبط بمقامنا هذا ، لأن عدم التنجيز ليس منشؤه عدم وصول البيان المأخوذ في موضوع قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» بل منشؤه عدم القدرة على الامتثال ، وقاعدة «قبح العقاب على التكليف غير المقدور» غير قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» لاختلاف متعلقهما كما هو واضح.
٢ ـ التخيير وقاعدة دفع المفسدة :
ويرد على القول الثاني ، أعني تقديم جانب الحرمة ، لقاعدة «دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة» :
أ ـ المناقشة في القاعدة كبرويا ، لأن العقلاء جميعا يقدمون على ما فيه المصلحة الكبيرة وإن تعرضوا لشيء من المفاسد الصغيرة ، وربما أقدموا على ما فيه احتمال