العهود وتقريرها ، وتبليغ أحكام الشرع» (١). وشواهده أكثر من ان تحصى. فلو كان خبر الثقة ليس بحجة لما كان معنى لهذا الإرسال الملازم لتكليف المسلمين بالأخذ عنهم وإلزامهم بذلك ، ودعوى أن أحاديث أمثال هؤلاء مما يكتنفها من القرائن ما يوجب القطع بمطابقتها للواقع ، لا تعتمد على دليل ، لأن رسله ليسوا كلهم بهذا المستوى ، ولا الأحاديث التي يحدثون بها كذلك.
السنّة التقريرية :
وهي قائمة بإقراره لبناء العقلاء على الأخذ بأخبار الآحاد إذا كانوا ثقات في النقل ، يقول شيخنا النائيني : «وأما طريقة العقلاء فهي عمدة أدلة الباب ، بحيث لو فرض أنه كان سبيل إلى المناقشة في بقية الأدلة فلا سبيل إلى المناقشة في الطريقة العقلائية القائمة على الاعتماد بخبر الثقة ، والاتكال عليهم في محاوراتهم ، بل على ذلك تدور رحى نظامهم ، ويمكن ان يكون ما ورد من الأخبار المتكفلة لبيان جواز العمل بخبر الثقة من الطوائف المتقدمة كلها إمضاء لما عليه بناء العقلاء ، وليست في مقام تأسيس جواز العمل به لما تقدم من أنه ليس للشارع في تبليغ أوامره طريق خاص ، بل طريق تبليغها هو الطريق الجاري» (٢) لدى الناس جميعا ، وهم يعتمدون أخبار الآحاد ، ويرتبون عليها جميع آثار العلم وإن لم تكن علما في واقعها.
وامتداد هذا البناء إلى زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الواضحات ، وقد حكى الغزالي في المسلك الأول «ما تواتر واشتهر من عمل الصحابة بخبر الواحد في وقائع شتى لا تنحصر» (٣) ، وقد ضرب لها بعشرات الأمثلة ، وبالطبع انه لو كانت للنبي طريقة
__________________
(١) المستصفى : ١ ـ ٩٦.
(٢) فوائد الأصول : ٣ ـ ٦٨.
(٣) المستصفى للغزالي : ١ ـ ٩٥.