الاجتهاد أخالفهم في رأيهم ، وأقول : ان في علماء المعاهد الدينية في مصر من توافرت فيه شروط الاجتهاد وحرم عليه التقليد» (١).
والشيء الّذي لم أملك تماما توجيهه في كلامه ـ بعد هذه الدعوة الهادفة ـ هو قوله : «والواقع أنه في أكثر المسائل التي عرضت للبحث وأفتى الفقهاء فيها لم يبق للمجتهد إلا اختيار رأي من آرائهم فيها ، أما الحوادث التي تجد فهي التي تحتاج إلى آراء محدثة» (٢).
والّذي يوحي به كلامه ، أنه فهم من الاجتهاد انه إحداث رأي جديد ، وهو لا يكون إلا في الأمور المستحدثة لاستيعاب الفقهاء مختلف الأقوال في المسألة المبحوثة غالبا ، ووظيفة المجتهد بالنسبة إليها اختيار واحد منها.
مع أن الاجتهاد ، كما سبق تحديده ، ملكة تحصيل الحجج على الأحكام الشرعية أو الوظائف ، سواء كانت موافقة لآراء غيره أم مخالفة.
وكونهم مستوعبين للأقوال في المسألة لا يسقط عنه وظيفة إعمال ملكته في مقابلهم ، حتى ينتهي إلى الرّأي الّذي يراه موافقا للحجة من بينها.
ولما ذا يختار رأيا من آرائهم؟ ألأنه يعتقد ان أولئك السابقين أوصل منه وأعرف؟ كيف وأصولهم ومبانيهم بيده ، وفيها ما لا يرتضيه لعدم قيام الحجة عنده عليه ، ولما ذا يفضّل رأيا على رأي إذا لم يعمل اجتهاده في مقام التفضيل؟
الشيعة وفتح باب الاجتهاد :
فالحق ـ كما ذهب إليه الشيعة ـ هو فتح باب الاجتهاد المطلق ، وهو الّذي تقتضيه جميع الأدلة التي ذكروها على وجوب المعرفة عقلية ونقلية. وهذه الاعتبارات التي ذكروها لعدم الحجية لا تصلح لإيقاف تلكم الأدلة ونسخها.
__________________
(١) المراغي في بحثه السابق في رسالة الإسلام : س ١ ـ ج ٣ ـ ص ٣٥٠ وما بعدها.
(٢) المصدر السابق.