للعقل بحجية الظنون في تلكم المسألة بداهة ، والمفروض هنا ان باب العلم بالردع عن القياس مفتوح ، أي ان القياس معلوم عدم حجيته ، ومع هذا الفرض فلا تتم مقدمات دليل الانسداد بالنسبة إليه ولا يكون مشمولا لنتيجتها بداهة ليقال : كيف يمكن تخصيص الحكم العقلي؟
ولقد ذكرت محاولات كثيرة للتوفيق بين ما دل على الردع منه من الروايات وبين نتائج دليل الانسداد ـ لو تم ـ وهي معروضة في رسائل الشيخ الأنصاري (١) ، وحقائق الأصول للإمام الحكيم (٢) ، وغيرهما من الكتب المعنية بأمثال هذه المواضيع.
على ان هذه المقدمات لا ملزم فيها لجعل الحجية لمطلق الظنون ، وغاية ما تقتضيه هو التبعيض في الاحتياط حتى في الموهومات بمقدار لا يلزم منه اختلال النظام أو العسر والحرج (٣).
خلاصة البحث :
والخلاصة ان جميع ما ذكره مثبتو القياس من الأدلة لا تنهض بإثبات الحجية له ، فنبقى نحن والشك في حجيته ، والشك في الحجية كاف للقطع بعدمها.
فلا نرى بعد هذا حاجة إلى عرض أدلة نفاة القياس ومناقشتها.
وهذه الأدلة التي عرضوها ـ وهي مستوعبة للأدلة الأربعة كتابا وسنة وإجماعا وحكم عقل ـ لا يخلو أكثرها من مناقشة ، اللهم إلا إذا استثنينا ما تواتر عن أهل البيت عليهمالسلام من الردع عنه وعدم الأخذ به ، فإنه واف بإثبات نفي الحجية عنه.
__________________
(١) الرسائل : ص ٢٥٥.
(٢) حقائق الأصول : ٢ ـ ١٩٨ وما بعدها.
(٣) اقرأ تحقيق أستاذنا الخوئي قدس سرّه في ذلك في الدراسات : ص ١٣٦ وما بعدها.