من أصالة.
كما يظهر أيضا ان ما نبه عليه الأستاذ أبو زهرة ـ من «ان في الفقه الإمامي رأيا فيه غرابة ، وهو انه عند اشتباه الحلال بالحرام في موضع ، اما لتعارض الأدلة أو لعدم وجود دليل ، يعمل بالقرعة» (١) ـ لا أساس له على جميع مباني مجتهدي الشيعة ، لأن المرجع في الجميع منها هو البراءة أو الاحتياط على اختلاف في وجهة النّظر في ذلك وهي اما الورود أو التخصيص.
نعم ، لا شبهة في أخذهم ـ شيعة وسنة ـ بالقرعة في خصوص الموارد المنصوصة والتقييد بنصوصها وهي لا تتجاوز مسائل معينة ، كمسألة اشتباه الغنم الموطوءة في قطيع وأمثالها مما وردت في الباب الّذي عقده البخاري لها في صحيحة (٢) وغيره من كتب الحديث.
وقد كنا نحب للأستاذ أبي زهرة ان يذكر لنا موردا واحدا من غير الموارد المنصوصة التي أثارت استغرابه في اعتبار الشيعة القرعة مصدرا من مصادرهم عند تعارض الأدلة ، ولم يرجعوا فيها إلى الأصل العملي أو الوظيفة ، ليبرر لنفسه ذلك الاستغراب.
خلاصة البحث :
وخلاصة ما انتهينا إليه من بحث ان القرعة ليست موضعا لشبهة في أصل مشروعيتها ، إلا ان العمل بها إنما يقتصر على خصوص مواردها المنصوصة ، وليس عندنا من الأدلة ما يرفعها إلى مصاف ما عرضناه من مصادر التشريع سواء ما كان مجعولا لاكتشاف الحكم الشرعي أم الوظيفة على اختلافها ، وبخاصة بعد ان كانت أدلتها العامة فاقدة الاعتبار لوهنها بكثرة التخصيص.
__________________
(١) الإمام الصادق : ص ٥٠٦.
(٢) صحيح البخاري : كتاب الشهادات ، باب القرعة في المشكلات.