الخلاف في المسألة :
ولكن بعض العلماء فرقوا بين مقامي الحكم والإفتاء فالتزموا بعدم جواز النقض في الأول وجوازه في الثاني كالغزالي وغيره (١).
كما فرق الشيخ النائيني قدس سرّه فيما يبقى له أثر ـ بعد انكشاف الخطأ بالاجتهاد الثاني ـ بين العبادات من الأحكام التكليفية وغيرها كالأحكام الوضعيّة ، فالتزم بالاجزاء بالنسبة إلى العبادات وعدمه بالنسبة إلى غيرها (٢).
وهناك من أطلق القول من الأعلام ـ فيما يبدو ـ بالإجزاء استنادا إلى أدلة خاصة ذكروها.
أدلة القائلين بالإجزاء في مقام العمل والإفتاء :
وقد ذكروا لذلك أدلة أربعة هي :
١ ـ أدلة نفي الحرج :
أمثال قوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٣).
بدعوى أن مقتضى لسانها هو حكومتها على الأدلة الأولية ، بتضييق نطاقها عن شمول ما كان حرجيا من الأحكام. وبما أن الحكم بعدم الإجزاء هنا حرجيّ ، فهو غير مجعول على المكلفين في هذا الحال.
ويرد على هذا الاستدلال : أن هذه الأدلة إنما تتم حكومتها في المقام إذا كان مفادها هو نفي الحرج النوعيّ ، وإلا لكانت أضيق من المدعى ، لبداهة ان القول بعدم الإجزاء لا يستلزم الحرج الشخصي في جميع مسائله.
ومفاد هذه الأدلة ـ كما هو التحقيق فيها ـ هو رفع الحرج الشخصي لا النوعيّ
__________________
(١) المستصفى : ٢ ـ ١٢٠ ، والخضري في أصول الفقه : ص ٣٦٨.
(٢) أجود التقريرات : ١ ـ ٢٠٦.
(٣) سورة الحج : الآية ٧٨.