النقض ما تشعر به بعض الروايات من ان الحكم الحاكم موضوعية إذ اعتبرت الراد عليه رادا على الله «وهو على حد الشرك بالله» (١) من دون ان تفرق بين كون الرد ونقض الاجتهاد مبنيا على اجتهاد أو غيره.
ويرد على هذا الاستدلال : ان إثبات هذا الإطلاق لا يخلو من صعوبة لعدم إحراز كونه في مقام البيان من هذه الجهة ، بل قد يقال بعدم إمكان شموله له عادة ، إذ مع استكشاف المجتهد ان حكمه الأول كان بغير ما أنزل الله ، فكيف يحتمل وجوب قبوله وحرمة رده ويكون الراد عليه رادا على الله؟ مع ان رده هذا كان أخذا بحكم الله بحسب عقيدته.
على ان استفادة الموضوعية لحكم الحاكم لا تتجاوز في تلك الروايات حدود الإشعار لا الظهور ، بينما يبدو من صحيحة هشام ان حكم الحاكم لا يسري إلى الواقع فيغيره عما هو عليه ، يقول هشام ـ بسنده ـ :
«قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنما أقضي بينكم بالبينات والإيمان ، وبعضكم ألحق بحجته من بعض ، فأيما رجل اقتطعت له من مال أخيه شيئا فقد قطعت له به قطعة من النار» (٢).
عدم النقض والتسلسل :
وقد استدل الغزالي وتابعه غيره على عدم جواز النقض في الحكم بقوله : «ولو حكم بصحة النكاح حاكم بعد ان خالع الزوج ثلاثا ، ثم تغير اجتهاده لم يفرق بين الزوجين ، ولم ينقض اجتهاده السابق بصحة النكاح لمصلحة الحكم ، فإنه لو نقض الاجتهاد لنقض النقض أيضا ولتسلسل» (٣).
__________________
(١) الكافي : ١ ـ ٦٧ ، باب اختلاف الحديث ، ح ١٠. مستمسك العروة الوثقى : ١ ـ ٥٧.
(٢) التهذيب : ٦ ـ ٢٢٩ ، باب كيفية الحكم والقضاء ، ح ٣. مستمسك العروة الوثقى : ١ ـ ٧٥.
(٣) المستصفى : ٢ ـ ١٢٠.