إشكال ودفع :
وقد يقال بعدم التلازم عقلا بين إثبات العصمة له وتحصيل الحجة على اعتبار ما يصدر منه من قول أو فعل أو تقرير من قبيل التشريع ، لأن الدليل العقلي غاية ما يثبت امتناع كذبه في ادعاء النبوة لاستحالة صدور المعجزة على يد مدعي النبوة كذبا ، لا مطلق صدور الذنب منه فضلا عن الخطأ والسهو والنسيان.
ودعوى عدم حصول العلم بكون ما يصدر عنه تشريعا ، لاحتمال الخطأ ، أو النسيان ، أو الكذب في التبليغ ، أو السهو ، يدفعها الرجوع إلى أصالة عدم الخطأ ، أو السهو ، أو الغفلة ونظائرها ، وهي من الأصول العقلائية التي يجري عليها الناس في واقعهم ، ويكون حسابه حساب أئمة المذاهب ، من حيث وجود هذه الاحتمالات فيهم ، ومع ذلك فإن الناس يثقون بأقوالهم ويدفعون الخطأ فيها أو السهو أو الغفلة ، أو تعمد الكذب بأمثال هذه الأصول.
وهذا الإشكال من أعقد ما يمكن ان يذكر في هذا الباب ، ولكن دفعه انما يتم إذا تذكرنا ما سبق ان قلناه من أن كل حجة لا تنتهي إلى العلم فهي ليست بحجة ، لأن القطع هو الحجة الوحيدة التي لا تحتاج إلى جعل ، وبها ينقطع التسلسل ويرتفع الدور.
وهذه الأصول العقلائية التي يفزع إليها الناس في سلوكهم مع بعضهم ، لا تحدث علما بمدلولها ولا تكشف عنه أصلا لا كشفا واقعيا ولا تعبديا.
أما نفي الكشف الواقعي عنها فواضح لعدم التلازم بين إجراء أصالة عدم الخطأ في سلوك شخص مّا وبين إصابة الواقع والعلم به ، ولو كان بينهما تلازم عقلي لأمكن إجراء هذا الأصل مثلا في حق أي شخص واعتبار ما يصدر عنه من السنة ولا خصوصية للنبي في ذلك.
وأما نفي الكشف التعبدي عنها فلأنه مما يحتاج إلى جعل من قبل الشارع ،